متى ترفع روح الدعابة في التسويق علامتك التجارية ومتى تضرها؟

روح الدعابة في التسويق من الاستراتيجيات الناجحة في علم التسويق، حيث تعد العلامات التجارية ذات الحس الفكاهي أكثر قابلية للارتباط والثقة عن غيرها من العلامات التجارية الأخرى. وبالرغم من الفائدة الكبيرة التي قد تعود بها روح الدعابة على قيمة الشركة إلا أن الكثير من خبراء التسويق ينصحون باستخدام هذه الطريقة ببالغ الحذر. وهذا ما يجعلنا نتساءل، متى ترفع روح الدعابة والفكاهة من قيمة العلامة التجارية ومتى تضرها؟

متى تنجح دعابتك في التأثير على الجمهور؟

تعد روح الدعابة في التسويق أداة خطرة للغاية، فخط فاصل شديد الدقة فقط هو ما يفصله عن أن يكون مضحكًا أو يصبح شيئًا مبتذلًا. لذلك فمن أهم النصائح التي يجب عليك اتباعها حتى تنجح في استخدام التسويق الفكاهي:

اعرف جمهورك جيدًا

من المهم أن تدرك عند استخدام روح الدعابة في التسويق وفي حملاتك الدعائية هو أنها غير موضوعية، فالمضحك لشاب في الخامسة والعشرين قد يعد هراء لمسن في الستين ولا معنى له لطفل في السابعة. فمن المهم جدًا عند صياغة إعلانك الدعائي أن تعرف جمهورك المستهدف وهل سيتقبل هذه المزحة أم لا؟ دراسة العوامل الديموغرافية يعتبر البداية المناسبة لمثل هذه الخطوة.

احذر الموضوعات المثيرة للجدل

من الأفضل عند محاولة دمج الدعابة مع حملاتك التسويقية أن تبتعد بشكل كبير عن الموضوعات المثيرة للجدل، فوجود عدة آراء حول موضوع ما قد يجعلك تخسر قطاعًا كبيرًا من العملاء لا يمكن تعويضه، فإن لم يكن الأمر ضروريًا أو سيعود على قيمة الشركة بمنفعة فمن الأفضل التزام الصمت.

لا تقحم الدعابة في الحملة الإعلانية إقحامًا

من السهل على الجمهور اكتشاف الدعابة المقحمة أو المفروضة على الإعلان. فإن لم يكن المحتوى فكاهيًا بطبعه، وتلقائيًا في تناوله، فلا داعى لاستخدامه من الأساس، حيث سيكون الضرر الناتج عن هذا الإجراء لصورة العلامة التجارية أكبر من غرض الحملة نفسه، وربما سيصعب علاجه بعد ذلك.

كن مرتبطًا بالجمهور

السمة المميزة في كل النكات المضحكة هو أننا قادرون على الارتباط بها والإحساس بانعكاسها على حياتنا، فلا يوجد دعابة جيدة لا يفهمها أحد. لذلك من الأفضل عند بناء استراتيجية تسويقية تقوم على الفكاهة أن تستند إلى تجارب جمهورك المشتركة، بحيث يستطيعون أن يكونوا أكثر ترابطًا وتفاعلًا مع الحملة. لهذا، تصفح حياة جمهورك وتاريخه بأدق التفاصيل، وستخرج بالكثير من الأفكار التي تصلح لاستخدام روح الدعابة فيها.

ابق الأمر بسيطًا

يظن البعض أنه لنجاح حملة تسويقية مضحكة فإن الأمر يتطلب فكرة فذة معقدة تجعل الجميع عاجزًا عن التوقف عن الضحك. الأمر أبسط من هذا بكثير، فكل ما يحتاجه الأمر هو أن تكون فكرتك بسيطة للغاية، بحيث يستطيع أي شخص فهمها وتذكرها، وتكرار عباراتها اللفظية في محيطه الشخصي، مما يؤسس لفكرة البراند نفسه وارتباطه بجمهوره. فإذا استطعت أن ترسم على شفتي جمهورك الابتسامة في كل مرة يتذكر الإعلان، فأنت قد حققت مبتغاك.

متى يكون استخدام روح الدعابة في التسويق فكرة سيئة؟

إن استخدام الفكاهة في التسويق قد يساعدك على جذب العديد من العملاء وترسيخ العلامة التجارية في حياتهم اليومية، ولكن قد تأتي روح الدعابة في التسويق بنتائج عكسية في حال:

تم بشكل مبالغ فيه

روح الدعابة فكرة جيدة نعم، ولكن استخدامها بشكل مبالغ فيه قد يضر اسم العلامة التجارية على المدى البعيد. بل قد يجعلها تظهر بمظهر شركة يديرها بعض الهواة، وليس محترفون. إلا لو كانت تجارتك تعتمد على هذا النوع من التواصل الخاص، فحينها سيمثل حس الفكاهة ميزة وليس عيب، وستتميز به علامتك التجارية.

لم يراعَ التوقيت عند تنفيذها

شهد عام 2011 واحدة من أشهر الأحداث التسويقية التي أضرت فيه الفكاهة بإحدى العلامات التجارية، حيث استخدمت كينيث كول Kenneth Cole الدعابة في الترويج لمجموعتها الخاصة للربيع، حيث ربطت تجمع المتظاهرين أثناء الربيع العربي بموعد صدور أزيائها. لم يسر الأمر بشكل جيد حينها، حيث تلقت دعابة كينيث كول العديد من موجات الغضب والازدراء، الأمر الذي جعل العلامة التجارية تسارع في حذف المنشور وتعتذر للجميع.

إذا لم يراعى التوقيت عند تنفيذها

اُستخدم في الأمور الجدية

لا تفلح روح الدعابة في التسويق عند دمجه في الأمور الجادة، فهذا الخطأ قد اقترفته العلامة التجارية دي جرونو DiGiorno عند استغلالها الهاشتاج الشهير #whyistayed في منصة تويتر، الأمر الذي كلفها الكثير من التعويضات والاعتذارات حتى تكسب جمهورها مرة أخرى.

إذا تم استخدامها في الأمور الجدية

كان الهدف الأصلي من الهاشتاج #whyistayed هو مناقشة الأسباب التي قد تدفع بعض الأشخاص إلى البقاء في علاقات عائلية مسيئة، الأمر الذي رأته دي جرونو مجالًا للمزاح فأرادت استخدام التسويق بالهاشتاج بطريقة فكاهية وغردت بأن السبب كون المسيء لديه بيتزا. وبالطبع تغريدة كهذه قد فتحت وابلًا من الهجوم والانتقادات إلى العلامة التجارية، الأمر الذي جعلها تسرع بحذف المنشور ونشر اعتذار رسمي.

تعارض مع طبيعة تجارتك

في بعض الحالات قد تتسبب روح الدعابة في الإخلال بمكانة العلامة التجارية ومنتجاتها، فالشركات التي يعتمد محتواها الرقمي على مخاطبة الطبقات العليا من المجتمع لا يناسبها استخدام الدعابة كوسيلة تسويقية، فاستعمال هذه الطريقة سيخل بالمكانة التي يتمتع بها المنتج وقد يتسبب في ظن البعض أن العلامة التجارية أهانته. حتى إن استُخدم فالدعابات في هذا النطاق تتسم بالثقل والرزانة، تأمل إعلان أودي البسيط:

نماذج ساعدتها روح الدعابة على نجاح حملاتهم التسويقية

يوجد للتسويق الفكاهي نماذج متعددة من شركات استخدمت روح الدعابة بطريقة ذكية وبسيطة حققت لعلامتهم التجارية النجاح، حيث ساعدتهم الحملات التسويقية ذات الحس الفكاهي على جذب وتحسين تجربة العملاء وبناء علاقة قوية معهم ونيل ولائهم. بعض نماذج النجاح:

نادي الحلاقة بالدولار Dollar Shave Club

في خطوة جريئة من نوعها، وفي خضم ضعف كبير في ميزانية المشروع، جعله غير قادر على الاستعانة بممثلين، أو بشبكة دعاية محترفة، قرر الرئيس التنفيذي لنادي الحلاقة بالدولار مايكل دوبن Michael Dupin  أن يظهر بشكل ساخر على اليوتيوب وهو يتناول الأسباب التي تجعل من ناديه ناديًا عظيمًا. بساطة الإعلان وعفويته المضحكة جعلت الفيديو يتصدر موقع اليوتيوب بما يقارب 17 مليون مشاهدة، وجعلت الجميع يتساءل عن خدمات هذا النادي، حتى أن البعض قد رحب بالتعامل معهم أيًا ما كانت منتجاتهم فقط لأنهم أضحكوه.

سنكرس

السلسلة العالمية للحملة الإعلانية الناجحة لسنكرس لاقت رواجًا عالميًا في كافة وسائل الإعلام والصفحات الاجتماعية، أطلقت الحملة تحت شعار “أنت مو أنت وأنت جوعان” (You’re not you when you’re hungry). تهدف سنكرس في هذه الحملة إلى إظهار وربط حالات الجوع التي تؤثر بشكل ملحوظ على الحالة النفسية والمزاجية للأشخاص بضرورة تناول شوكلاتة سنكرس. استغلت الشركة روح الدعابة في التسويق لمنتجاتها المختلفة في فيديوهات دعائية فكاهية قصيرة.

في الختام، الأمر لا يتعلق بسؤال متى نستخدم روح الدعابة في التسويق ومتى لا؟ بل السؤال الصحيح هو هل علامتك التجارية تحتاجها أم لا؟ فإذا استطعت الإجابة على هذا السؤال حينها يمكنك الاستعانة بالنصائح السابقة واللجوء إلى المسوقين المبدعين عبر مستقل للحصول على المزيد من الأفكار والاستشارات الاحترافية.

تم النشر في: بناء هوية العلامة التجارية