مع تطور التكنولوجيا خلال العقد الماضي، ظهرت العديد من وسائل التسويق التي حققت نتائج مبهرة وغيرت سير العملية التسويقية تمامًا. كان من أبرزها التسويق الداخلي الذي شطر التسويق التقليدي إلى نصفين: هما التسويق الخارجي والتسويق الداخلي. وفي مدة قدرها عقد واحد استطاع أن يبسط هيمنته على اتجاهات الشركات التسويقية ويحقق أفضل النتائج. لفهم هذا التحول المثير في اتجاهات التسويق الحديثة، ينبغي فهم الفرق بين المصطلحين.
ما هو التسويق الداخلي؟
يعبر التسويق الداخلي عن الأساليب التسويقية التي تستهدف جذب العملاء إلى العلامة التجارية بصورة غير مباشرة؛ عن طريق تقديم محتوى قَيّم يدفع العملاء إلى مشاركته والتفاعل معه. والهدف الأساسي منه تحفيز الجانب الشرائي عند العملاء بينما يتفاعلون مع المحتوى المعروض.
ظهر التسويق الداخلي نتيجة تجاهل المستهلكين للوسائل القديمة للتسويق مثل: إعلانات التلفاز وحملات البريد الإلكتروني والإعلانات الممولة. فبدلًا من ذلك، اتجه المستهلكون إلى المحتوى المثير في المدونات، والمحتوى الذي يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وغيره من البيانات المعروضة بطريقة جذابة.
ما هو التسويق الخارجي؟
يشير التسويق الخارجي إلى المفهوم القديم لعملية التسويق في المجمل. وبإسقاط التسويق الداخلي من المعادلة والعودة بالزمن إلى الخلف لمدة عقد زمني على الأقل، يمكننا رؤية التسويق الخارجي أو كما كان يطلق عليه وقتها “التسويق”. يشمل التسويق الخارجي جميع الأنشطة التي تجذب الجمهور بطريقة مباشرة، بما فيها الإعلانات التلفزيونية، لوحات الإعلانات بالشوارع، المكالمات الهاتفية، وإقامة الفعاليات والمعارض التسويقية.
مع مرور الوقت وتحول التسويق إلى شقين، تكيّف التسويق الخارجي مع التكنولوجيا، وشمل حملات التسويق الممولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ورسائل البريد الإلكتروني. إذًا باختصار، التسويق الخارجي هو أي وسيلة تسويقية مباشرة تحاول جذب الجمهور إلى العلامة التجارية، سواء من خلال المدارس القديمة، أو الاعتماد على التكنولوجيا، أو عمل مزيج بينهما.
أهم استراتيجيات التسويق الداخلي
تشير استراتيجية التسويق إلى الخطوات التفصيلية التي تتبعها الشركة لتحقيق أهداف خطة التسويق. وتتمثل في جذب أكبر عدد ممكن من العملاء وتحقيق أكبر قدر من المبيعات. وتتضمن استراتيجيات التسويق الداخلي عناصر مهمة مثل: إنشاء محتوى جذاب للقارئ، ومساعدته على الوصول إليه من خلال تحسين قدرة وصول محركات البحث وتعرفها عليه. فيما يلي أهم هذه الاستراتيجيات.
1. إنشاء مدونة
لا يتقصر إنشاء المدونات على توجيه القارئ إلى الخدمات أو المنتجات فقط، بل يحافظ على تفاعله الدائم مع العلامة التجارية، مما يساعد على زيادة عدد العملاء المخلصين، والتمسك بهم أطول فترة ممكنة. تعكس المدونة بصورة غير مباشرة قيمة الخدمات التي تقدمها نسبة إلىجودة المحتوى الذي تقدمه الشركة.
يُعزز النشر المستمر للمقالات بالمدونة ظهورها الدائم بمحركات البحث، أي تُصبح بوابة دائمة للعملاء المهتمين بالموضوعات التي تقدمها، وهو ما يحافظ على تدفق العملاء المستمر. يُمكنك الآن من خلال موقع مستقل تعيين المستقلين المحترفين لإنشاء مدونة شركتك، وإيجاد أمهر الكُتاب لنشر مواضيع قيمة عليها تساهم في جذب الجمهور لأعمالك.
2. تهيئة المواقع لمحركات البحث (SEO)
تهيئة المواقع لمحركات البحث (SEO) هي الخطوة التالية بعد كتابة المحتوى على المدونة، فلكل محرك بحث خوارزمية خاصة تُحدد الموضوعات التي تظهر به أولًا، ولتحقيق ذلك الهدف ينبغي الالتزام بشروط الـ (SEO) المطلوبة.
تساعد تهيئة المواقع لمحركات البحث على زيادة عدد زوار المدونة ورفع معدل الزيارات الخاصة بها. إذ سوف يزيد التفاعل مع المحتوى؛ ومن ثم تزيد احتمالات توجه الزوار إلى العلامة التجارية، قد تأخذ تلك الطريقة بعض الوقت، لكنها في النهاية سوف تؤتي ثمارها.
3. التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي
تمتلك وسائل التواصل الاجتماعي نصيبًا وفرًا من الجمهور الإلكتروني، وتعد من أكثر الاستراتيجيات فعالية لنشر المحتوى وتوجيه الأنظار إليه، خصوصًا أنها توفر جميع آليات التفاعل والمشاركة، ويساهم ذلك في زيادة عدد الزيارات التي يمكن الحصول عليها.
أصبحت قنوات التواصل مثل فيسبوك وتويتر، أحد ركائز عملية التسويق الداخلي. إذ تؤدي مشاركة موضوعات المدونات عليها طريق يولد تدفق مستمر لزيارات المدونة. علاوة على الاستفادة من زيادة القاعدة الجماهيرية بمرور الوقت، وخصوصًا أنها تُشكل رأس مال تسويقي يُعتمد عليه مستقبلًا.
4. التسويق من خلال الأشخاص المؤثرين
أحد الاستراتيجيات الرائدة في التسويق الداخلي هي البحث عن الأشخاص المؤثرين في المجالات المرتبطة بخدمات أو منتجات الشركة والعمل معهم. تكمن الفكرة بأن هؤلاء المؤثرين هم المحركين لرأي الجمهور نظرًا لحصولهم على قدر كبير من الموثوقية والمتابعين. ومن المهم في هذه الحالة اختيار الأشخاص المناسبين لمجالات الشركة، وإقناعهم بالتفاعل مع منتجاتها أو خدماتها، سواء عن طريق عرض المنتجات عليهم أو إعطائهم أجور مدفوعة نظير خدماتهم.
5. الرسائل الإخبارية عبر البريد الإلكتروني
يُعد التسويق بالبريد الإلكتروني أحد استراتيجيات التسويق الخارجي. ومع ذلك تتجه الرسائل الإخبارية -وليست رسائل العروض والمنتجات- إلى توجيه الأشخاص لقراءة أحدث الموضوعات بالمدونة الخاصة بالعمل. إذ تعد طريقة مجانية أخرى لجذب الجماهير إلى المدونة وزيادة التفاعل بها.
المميز في جميع الاستراتيجيات السابقة هو قدرتها الرائعة على إكمال بعضها البعض، مما يساهم في زيادة العائد وتحقيق أهداف خطة التسويق المنشودة. قد تحتاج إلى بعض الوقت لبناء قواعدها الجماهيرية، لكنها في النهاية تصبح أحد الاستراتيجيات ذات التكاليف المنخفضة والنتائج الكبيرة.
لماذا عليك التوجه إلى التسويق الداخلي؟
كم مرة تقوم بحذف رسائل البريد الإلكتروني المزعجة التي تصلك؟ هل تستخدم مانع إعلانات على المتصفح الخاص بك؟ في حال كنت تشاهد التلفاز، ما هو انطباعك عن الإعلانات المتتالية التي تحجب عليك متعة المشاهدة المتصلة؟ في حال كنت تفعل ذلك أو شعرت بالاستياء، فأنت لست بمفردك. فوفقًا لإحصاءات سابقة نشرها موقع Hubspot، هناك 91% من مستخدمي البريد الإلكتروني قاموا بإلغاء اشتراكهم بخاصية استلام البريد من الشركات.
ويغادر نحو 84% من الأشخاص مواقع الويب عندما تحتوي على إعلانات منبثقة مبالغ بها. كما يتخطى 86% من مشاهدي التلفاز الإعلانات ويتجهون إلى قنوات أخرى، ولتلك الأسباب استطاع التسويق الداخلي أن يحل محل نظيره الخارجي، خصوصًا بعد اتجاه المستهلكين إلى الوسائل القيّمة التي تحقق لهم منفعة ذاتية مثل المدونات ومنشورات المحتوى، وتتمثل أهم مميزاته فيما يلي:
1. التركيز على العملاء المحتملين
رغم أن الشركات تنفق مبالغ طائلة على التسويق التقليدي لاستهداف الجمهور المناسب، إلا أنها قد لا تصل إلى مرادها في جميع الحالات. فهناك العديد من الاختبارات التي يجب أن تحدث قبل اختيار العميل المناسب، بغض النظر عن الحملات الإعلانية التي تفشل عند اختيار العميل الخاطئ.
لكن على عكس ذلك، يركز التسويق الداخلي على العملاء المحتملين، نظرًا لاعتماده على نشر محتوى لجماهير مهتمة بالفعل بما يتواجد بالموضوعات المنشورة، كما أنهم يكونوا أكثر استعدادًا لاستخدام الخدمات المعروضة بصورة غير مباشرة بها.
2. تحقيق المزيد من المبيعات
من المهم الحصول على أكبر عدد من العملاء المناسبين بهدف تحقيق أكبر قدر من المبيعات. هنا يلعب التسويق الداخلي دورًا مهم من خلال جذبه لأولئك العملاء على وجه الخصوص. يلجأ العديد من العملاء إلى تصفح مواقع الشركات ووسائل التواصل الخاص بها؛ بهدف استلهام الأفكار أو الاستفادة من المحتوى المنشور والتعرف على المنتجات قبل الشراء.
فبدلًا، من اتجاه الشركات إلى العملاء عن طريق الحملات الممولة، أصبح العميل هو من يتجه إلى الشركات لكي يستفيد منها. أي أن دوافعه استباقية من البداية، وهو ما يجعله أكثر استجابة لما تعرضه تلك الشركات من منتجات وخدمات. بتلك الطريقة تزداد نسبة المبيعات وفقًا للزيارات مما يؤدي إلى المزيد من الربح.
3. بناء الوعي بالعلامة التجارية
من الصعب إقناع العملاء بالتعامل مع شركة لم يسمعوا عنها من قبل، ومع ذلك تظل الأدوات الإخبارية أحد أدوات البيع القوية إلى الآن. فمن خلال مدونة قوية، ستتمكن عرض الخدمات المقدمة من الشركة بطريقة غير مباشرة باستخدام التسويق بالمحتوى. وبذلك يتحقق وعي جماهيري لعلامتك التجارية بطريقة ذكية، وتكمن فعالية تلك الطريقة في أنها تساهم في بناء الموثوقية حول العلامة التجارية، كما تساعد الأعمال في أن تكون أكثر وضوحًا حول ما تقدمه.
4. تعزيز العلاقات مع العملاء
تتمحور معظم الاستراتيجيات التي تستخدم في عملية التسويق الداخلي، حول نشر المحتوى على وسائل تتيح التفاعل بين الشركة والجمهور من خلال بناء علاقات تفاعلية قوية بين الجمهور والشركات. بينما يتعامل التسويق الخارجي مع الجمهور بوصفه مجموعة واحدة تُلقي إليها الرسائل التسويقية فقط.
الآن من خلال نشر محتوى ذو جودة عالية، يمكن الحصول على قدر كبير من التفاعل والمشاركات، وهو ما يُشعر الجمهور بالثقة التي تدفعه إلى بدء التفاعل مع العلامة التجارية.
قد يُهمك أيضًا: كيف تستخدم أسلوب السرد القصصي لجذب العملاء؟
5. خفض التكاليف
أحد أهم الأشياء التي يحققها التسويق الداخلي، تكمن في إنفاق ميزانية أقل وتحقيق عائد أعلى. فوسائل التواصل الاجتماعي لا تكلف شيء للنشر عليها، في حين أن محاولة اتباع السبل الأخرى للتسويق الخارجي مثل: تأجير لوحات الإعلانات أو النشر بالتلفاز سوف يكلف مبالغ باهظة. لهذا تُعد خفض ميزانية التسويق من خلال الاعتماد على التسويق الداخلي، إحدى الطرق التي تساهم في توفير العديد من التكاليف التقليدية القديمة.
من الواضح أن التسويق الداخلي هو أكثر سبل التسويق فعالية هذه الأيام. وفي نهاية المطاف، كل شركة تختار الوسائل المناسبة لها استنادًا إلى البيانات التي تنتج عن عمليات التسويق. وتعد الطريقة الأفضل هي استخدام استراتيجيات تمزج بين التسويق الداخلي والتسويق الخارجي، ومع التجربة والتعلم ستصبح الأمور واضحة.
تم النشر في: نوفمبر 2020
تحت تصنيف: التسويق الرقمي | التسويق الإلكتروني