كيف تكون مدير مشروع ناجح

يظن مُدراء المشاريع أن دورهم قد انتهى بمجرد إيجاد الفكرة وجلب التمويل وتفويض المتخصصين من المصممين والمطورين وغيرهم للقيام بالمهام، وأن العجلة ستسير بشكل تلقائي حتى النجاح. إذا كانت هذه هي فكرتك عن إدارة المشاريع، ينبغي عليك إذًا أن تعيد التفكير مجددًا، فالأمر لا يقتصر على الفكرة، وإنما أنت مسئول عن إرشاد ومرافقة فريق العمل من المصممين والمطورين وكتاب المحتوى باستمرار. المدير الحقيقي لا يجلس مُرفهًا على مقعده الوثير، وإنما يتحرك بنشاط بين أقسام وقطاعات العمل المختلفة ليبدي الملاحظة، ويعين أفراد فريق العمل على تحقيق الهدف المنشود. فكيف يمكن أن تكون مدير مشروع ناجح؟

مهام مدير المشروع

تحتاج المشاريع الناشئة إلى مدير مشروع يتمكن من إدارة كافة أجزاء المشروع لتحقيق النتائج والأهداف الأساسية. فهو يبسط ويقسم المهام ويتابعها بشكل دوري ليضمن أن جميع الأفراد يعملون في اتجاه الهدف بتركيز وفعالية وجودة عالية في الأداء واستخدام أمثل للموارد المتوفرة. وقد يتلخص دور مدير المشروع في:

وضع الخطوط العريضة لأهداف المشروع

اطلاع فريق العمل بتنفيذ فكرتك، لا يعني أبدًا أنهم قرأوا ما يدور بذهنك بشأن هذه الفكرة. أنت بحاجة إلى الحديث مع كل من يُشرف على تنفيذ مشروعك، ومناقشة أسئلة مثل:

  • ما هو الهدف الرئيسي من هذا المشروع/المنتج/الخدمة؟ 
  • ما هي المشكلة التي يقدم لها حلولًا؟ 
  • لماذا هي مشكلة؟ ولماذا الحلول المعروضة فقيرة أو لا تفي بالغرض؟ 
  • من هم الجمهور المستهدف المعني بهذه المشكلة؟ 
  • ما هي الأهداف الوظيفية لهذا التطبيق/المنتج/الخدمة؟ 
  • لماذا ترى أن ما تقدمه (سواءً أكان تطبيق جوال، موقع، منتج) هو الحل المثالي لهذه المشكلة؟

عُد إلى قراءة وصف المشروع وكيف كتبته في البداية، وناقش فريق عملك فيما إذا كانت جميع بنود هذا الموجز واضحة أم لا. يجب أن تكون الأمور أكثر وضوحًا. بعد هكذا مناقشة، ستجد أن الصورة قد أصبحت أكثر وضوحًا، وستلمس هذا من طريقة تغيير فريق العمل للطريقة التي يعمل بها وطبيعة الأسئلة التي يسألونك إياها.

تخطيط سير المشروع

المشاريع غير قابلة للتنبؤ، فنجاح المشروع أو فشله يعتمد على الكثير من العوامل. وواحدة من مهام مدير المشروع الناجح التخطيط لسير المشروع وتوزيع المهام بين أعضاء الفريق بفعالية. وذلك لأن المشروع الناجح يحتاج إلى خطة واضحة وموجزة، بالإضافة إلى كونها قابلة للتعديل وفق الظروف المختلفة التي يمر بها المشروع، مع الأخذ في الحسبان مناسبة الخطة لميزانية المشروع الأساسية.

تقديم الصلاحيات للحسابات الخاصة وكلمات المرور

أعضاء الفريق الذين يعملون في مشروعك بحاجة إلى الحصول على إمكانية الوصول Access للحسابات والأدوات والملفات المختلفة التي ترتبط بمجال عمله. أمور مثل:

  • بيانات الدخول إلى موقعك أو المنصات التي تعمل عليها، بما فيها حسابي اسم النطاق Domain Name والاستضافة Hosting. بالإضافة إلى الحسابات التي يحتاجها الفريق حسب مهمته، كالمصمم/المطور اللذان قد يحتاجان إلى حساب المطور Developer Account الخاص بمنصة الهاتف الجوال (سواء جوجل Android، أو آبل Apple). 
  • تصميمات الهوية البصرية الخاصة بك، وخاصة نسخة شديدة الجودة والوضوح من الشعار Logo.
  • حسابات تحليل البيانات والترافيك الخاصة بك (مثل: Mixpanel، أو Google Analytics). 
  • حساب لوحة إدارة المشروع لتتبع العمل مع كل فريق خاص، كمثال: إضافة أعضاء الفريق على لوحة “أنا” إحدى أدوات إدارة المشاريع.

القائمة السابقة تحوي الكثير من أسماء المستخدم وكلمات المرور وقد تحتاج إلى تسجيل تلك البيانات. وليس من المفضل توحيد كلمة المرور، حتى لا يُفهم منها نمطك الفكري في اختيار كلمات المرور ومن ثم تتعرض للقرصنة والوصول إلى ما لا يجب الوصول إليه من حساباتك الشخصية. يمكنك إعداد ملف Word بسيط يحوي تلك البيانات الخاصة لكل عضو، وجعل هذا الملف قابلًا للمشاركة المصرحة على أحد وسائل المشاركة مثل Google Docs، أو غيرها من المنصات. كما يمكنك الاستعانة ببعض الخدمات المدفوعة لضبط وتأمين هذه العملية، مثل خدمات LastPass وغيرها من الخدمات الأخرى التي تفضلها وتؤدي نفس الغرض.

كتابة المحتوى الرئيسي للمشروع Writing The Copy

أفضل شخص يكتب محتوى الموقع هو مدير المشروع، وذلك لأنك الأكثر انفعالًا وحماسة بشأن المشروع الخاص بك. بالطبع سيكون هناك مختصر متواجد في موجز المشروع، ولكن النسخة التفصيلية بحاجة إلى كتابة. ما الذي ستكتبه في الصفحة الرئيسية؟ صفحة اتصل بنا؟ صفحة البيع؟ عن الشركة؟ ما الذي ستكتبه في صفحة الخطأ 404؟ كل هذه الأسئلة في حاجة إلى إجابة. هل تجد صعوبة في الكتابة؟ ليس شرطًا أن تكتب أنت المحتوى بنفسك، ولكنه بشكل عام سيتم تحت إشرافك. ضع في ذهنك العناية بهذه الأمور:

  • العنوان الرئيسي Headline 
  • الشعار الرئيسي Tagline 
  • التنبيهات Notifications 
  • التصفح Navigation 
  • الأزرار Buttons 
  • رسائل الخطأ والتحذير Error and Alert Messages

واستعن بأحد خبراء كتابة المحتوى عبر إضافة مشروع على منصة مستقل لمساعدتك في كتابة محتوى احترافي لمشروعك. كذلك، من المهم تجهيز نسخة المحتوى قبل انتهاء المصمم والمطور من عملهما، ومن المفضل أن تنتهي من المحتوى قبل أن يشرعا في العمل من الأساس. قد يضع المطور/المصمم نص افتراضي حتى يتمم عملية التصميم، ولكن يُفضل أن تكون مستعدًا وتطلب منه -من البداية- أن يعتمد على المحتوى الأصلي، وأن يضعه في أماكنه حسب طبيعته.

هذه الخطوة شديدة الأهمية، حتى تضع المحتوى الأصلي -الذي سيُنشر في النهاية على الموقع/التطبيق- في النسخ التجريبية Beta والنهائية من الموقع. هذا سيساهم في رؤية وإضافة ملاحظات بشأن التصميم والمحتوى، فيتزامن الانتهاء من التطوير والبرمجة مع إطلاق الموقع، ولن تضطر حينها إلى إضافة المحتوى ثم الرجوع مرة أخرى إلى المطور/المصمم للتعديل مرة أخرى حسب طبيعة هذا المحتوى.

إبداء الملاحظات والتعديلات على العمل

مدير المشروع الناجح يتواصل باستمرار مع أعضاء فريق العمل، فمن المهم أن يطّلع على تحديثات التنفيذ أولًا بأول، وإبداء الملاحظات من تعديل وإضافه وحذف وغيرها. ومن مهام مدير المشروع إخراج أفضل ما عند أفراد الفريق، ويوجد عدة طرق للتعامل مع فريق العمل –سواء فريق عن بعد أو في مقر الشركة– للوصول إلى أفضل نتائج ممكنة وكسب أفراد هذا الفريق في صفك، منها طريقة (التوجه الإيجابي) في قيادة فريق العمل، وهي تركز في الأساس على تزكية الإيجابيات، وعدم استخدام ألفاظ مباشرة في ذكر السلبيات. على سبيل المثال:

  • استبدال كلمة (سيئ) بكلمة (غير مناسب) 
  • استبدال صيغة الأمر في (افعل كذا) بجملة (ما رأيك في أن نفعل كذا) 
  • استبدال جملة مثل (لا أحب هذه الدرجة من اللون الأزرق) بجملة (من فضلك استبدل هذه الدرجة من اللون الأزرق، بالدرجة التي يستخدمها موقع تويتر بالضبط)

تبدأ هذه الطريقة بمدح الإنجاز والأداء الذي وصل إليه فريق العمل، ثم تبني التوجه الإيجابي في عرض المشكلة، واستخدام النمط السابق في عرض المشكلة والحل، وأخيرًا التعبير عن سعادتك بالعمل معهم، وتشجيعهم دومًا على الاستمرار والتفوق. ومن الطريقة الأخرى العملية نوعًا ما، طريقة تحمل إشارات حازمة في مسار العملية بكلمات محددة، مثل (توقف، ابدأ، استمر) بالمدلولات التالية: 

  • توقف Stop: أشعر بالرضا تمامًا عن هذا المستوى في هذه الجزئية، رجاءً توقف عن العمل فيها أو تغييرها، واهتم بالنواحي الأخرى. 
  • ابدأ Start: هذا هو الوقت المناسب للبدء في فعل كذا (مرحلة معينة من التصميم والتطوير) 
  • استمر Continue: استمر في فعل كذا (إرسال التحديثات أولاً بأول – مراعاة قواعد UI & UX في التصميم – تجربة المحتوى على التصميم في جميع مراحله –… الخ).

تُستخدم هذه الوسيلة بالاتفاق من البداية مع أعضاء فريق العمل، ويتحول جدول المتابعة إلى جدول يتكون من ثلاث حقول، على رأس كل حقل الكلمات الثلاث السابقة: توقف، ابدأ، استمر.

رصد التقدم

يحتاج مدير المشروع الناجح إلى تحليل كل خطوة تقدم للمشروع ومقارنتها مع أهداف المشروع الأساسية، كذلك  رصد أداء أعضاء الفريق والمصروفات Expenses التي تمت. بالإضافة إلى تقديم تقارير دورية تتضمن المهام المنتهية وما يمكن أن يتم مستقبلًا بشكل أفضل، وغيره من الأمور التي تساعد على رؤية مسار سير المشروع بشكل أوضح.

صفات مدير المشروع الناجح

صفات مدير المشروع الناجح

لمدير المشروع من الصفات ما يميزه عن غيره من أعضاء الفريق، فهو حلقة الوصل الأساسية بين الأهداف والقدرة على تحقيقها منذ بداية المشروع، ومن أجل هذا على مدير المشروع أن يمتلك مهارات وقدرات عديدة، منها:

متواصل جيد

ستجد أن الصفة المميزة لمدير المشروع هي جودة التواصل، فهي من الصفات الأساسية لمدير المشروع، فسيتواصل مع كم كبير من الشخصيات ذات الطبائع المختلفة، وسيعمل على تجميعهم تحت مظلة واحدة ولتحقيق هدف واحد. هذه المهمة ليست سهلة بأي حال من الأحوال، وتحتاج شخص محترف متسع الصدر إلى أبعد الحدود. ضع في ذهنك الخلافات الواردة بين الأقسام المختلفة. ليس دورك هو اتهام طرف على حساب طرف آخر، ولكن عذر المُقصر وتشجيعه، ونقل صورة جيدة عنه للآخرين، حتى يصبح ميزان الاتزان النفسي متعادل مع جميع أفراد فريق العمل.

يُنظم اجتماعات فعّالة

قد تكون ذلك الشخص الذي لا يحب الاجتماعات، ويرى أنها مضيعة للوقت، وقد تكون محقًا، إلا إذا كانت الاجتماعات تعود بالفائدة على أفراد الفريق. والاجتماعات نوعان:

  • اجتماعات دورية: وهي مخصصة لمناقشة مسار المشاريع والتقدم (أين كنا، وأين أصبحنا) وغالبًا تكون أسبوعية. لتكون تلك المشاريع فعّالة يجب ألا يتجاوز وقتها 30 دقيقة، وأن يكون كل فرد مستعدًا لعرض ما لديه في عدد محدود من الدقائق (2 – 5 دقيقة) حتى لا يتمدد وقت الاجتماع بدون داع. 
  • اجتماعات استراتيجية: وهي التي تناقش استراتيجية الشركة على المدى الطويل، وتقيس مستوى الأداء والتقدم الخاص بالشركة بشكل عام، وبالمشاريع بشكل خاص. يُفضل أن تكون شهرية، حتى يمكن قياس مستوى الإنجاز. كذلك يُفضل أن تُرسل رسالة بريدية إلى أعضاء الاجتماع قبل الحضور لمعرفة النقاط المطروحة للنقاش والاستعداد لها.

في جميع الحالات، احرص على ألا يمتد وقت الاجتماع فيؤثر على وقت فريق العمل بالسلب. كذلك هناك نقطة في غاية الأهمية: لا داعي لعمل اجتماع لمجرد أنك اعتدت عمل اجتماع، أي أنه إن لم تكن هناك حاجة ملحة لهذا الاجتماع، فلا داعي لإجرائه من الأساس.

يدير الوقت جيدًا

من مهام مدير المشروع الوفاء بمواعيد التسليم والانتهاء من المهام الدورية في مواعيدها، وعليها فإن مهارة إدارة الوقت وتقسيم المهام لكل أعضاء الفريق في إطارات زمنية محددة وقصيرة تميز مدير المشروع الناجح عن غيره. ويوجد العديد من المشاريع الناشئة التي فشلت بسبب ضعف مهارة إدارة الوقت. من أجل هذا، احرص على التخطيط جيدًا للمشروع وتقسيم المهام بطرق منطقية وفعالة، وتمييز الأولويات عن غيرها من المهام، وتعلم كيفية تفويض المهام للأفراد. بالإضافة إلى زيادة التركيز في أداء المهام لأعضاء الفريق والتخلص من أي مشتتات قد تؤثر على الوفاء بالمواعيد المحددة.

متمكن من إدارة ميزانية المشروع

التحكم في سير المشروع وفق الميزانية المحددة هي واحدة من أهم مهارات مدير المشروع الجيد، وهذه المهارة قد تتكون مع تراكم الخبرات والتجارب للحكم على أي التكاليف يحتاج إليها المشروع، من التكاليف التي تتجاوز الميزانية ويمكن إيجاد حلول بديلة بتكلفة أقل. كذلك من صفات مدير المشروع الناجح تتبع المصاريف بشكل دوري ومقارنتها مع أداء المشروع لإدارة الأموال بشكل أفضل مستقبلًا.

يمتلك مهارات إدارة الفريق

مدير المشروع الناجح يمتلك مهارات تمكنه من قيادة فريق بإمكانيات ومهام مختلفة نحو طريق واحد وهو تحقيق أهداف المشروع الأساسية. وهذه المهارات تتضمن توزيع المهام بين أعضاء الفريق بفعالية وتقييم أدائهم وتدريبهم باستمرار، بالإضافة إلى التعامل مع الخلافات التي قد تنشأ بينهم. ومن المهارات المهمة في إدارة الفريق هي مهارة التفاوض، حيث أن المدير الناجح يعرف جيدًا كيف يتفاوض مع العديد من الأطراف المؤثرة في المشروع منها أفراد الفريق.

في الختام، كونك صاحب المشروع يضع منصب مدير المشروع “Project Manager” من ضمن مسئولياتك الرئيسية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فريق العمل يجب أن يكون مستعدًا نفسيًا للتكاتف لإنجاح المشروع، وهذا لن يتم إلا بحرصك على فتح قناة تواصل إيجابية فيما بينهم واستخدام أدوات إدارة المشاريع بفاعلية للمساهمة في بناء بيئة عمل إنتاجية وإيجابية لجميع أعضاء الفريق.

تم النشر في: مايو 2018
تحت تصنيف: ريادة أعمال | كيفية بدء مشروع أونلاين