السرقة الأدبية

السرقة الأدبية ليست ظاهرة حديثة دخيلة على عصرنا الحالي، إنما هي آفة فكرية موجودة على مر العصور التي سبقت عصر الإنترنت حتى العصر الجاهلي. فقد أنشد طرفة بن العبد الأبيات الآتية، يذم من يسرق أشعار غيره ونافيا عن نفسه تهمة السرقة.

وَلا أُغيرُ عَلى الأَشعارِ أَسرِقُها | عَنها غَنيتُ.. وَشَرُّ الناسِ مَن سَرقا

وَإِنَّ أَحسَنَ بَيتٍ أَنتَ قائِلُهُ | بَيتٌ يُقالُ إِذا أَنشَدتَهُ صَدَقا

لكن مع تسارع الثورة المعلوماتية الحالية تحول الإنترنت إلى المصدر الرئيسي للمعلومات، وفي ظل وجود آلاف صفحات الويب التي يتم إنشاؤها يوميا دون وجود سلطة رقابية على المحتوى، تَشجَع البعض على سرقة محتوى الغير رغم ما ينطوي على ذلك من مخاطر تهدد عمل الكاتب ومواقع الويب، غافلين عن التطور المستمر للأدوات التي تكشف المحتوى المنسوخ.  

ما هي السرقة الأدبية؟

السرقة الأدبية هي أن يسرق الكاتب محتوى الغير وينسبه لنفسه، سواء كان هذا المحتوى مقالًا أو كتابًا أو عملًا أدبيًا كالرواية والقصيدة الشعرية. تتفاوت شدة السرقة الأدبية، فهناك من ينسخ فقرة من المحتوى أو جزء منه أو المحتوى كاملا.

كتابة المحتوى

كل هذه الدرجات تندرج تحت مسمى السرقة الفكرية وتعد أحد الأشكال الصريحة لخرق وانتهاك حقوق الملكية الفكرية. وتتمكن أدوات كشف الانتحال ومحركات البحث عبر الخوارزميات المتطورة باستمرار من اكتشاف المحتوى المنسوخ بكل مستوياته بسهولة.

نرشَح لك: لماذا ينبغي على المستقلين المحافظة على حقوق الملكية الفكرية؟

كيف يتم اكتشاف السرقة الأدبية؟

لقد أصبح اكتشاف السرقة الأدبية ونسخ المحتوى أمرًا يسيرًا في ظل ظهور العديد من أدوات كشف الانتحال المدفوعة والمجانية. ولم يعد أصحاب مواقع الويب وكتاب المحتوى في غني عن استخدام هذه الأدوات بشكل روتيني للتأكد من أصالة المحتوى، نظرا لأهمية هذه الخطوة في تحسين محركات البحث.

أدوات كشف الانتحال هي برامج تدقيق ذكي تقوم بفحص المحتوى بحثا عن الفقرات والعبارات المنسوخة، من خلال مسح الإنترنت بحثا عن استخدامات أخرى للعبارات أو الاقتباسات نفسها. ثم تقارن المحتوى الذي تم مسحه بالمليارات من صفحات الويب، لتبرز العبارات المنسوخة بشكل واضح وتقدّر نسبتها المئوية من كامل المحتوى، عارضًا رابط الصفحة صاحبة المحتوى الأصلي.

الكشف عن السرقة الأدبية

تتميز أدوات كشف الانتحال بالذكاء الاصطناعي العالي لخوارزمياتها ودقة النتائج التي تظهرها، إذ من الصعب بمكان أن تفر فقرة منسوخة دون أن تكشفها هذه الأدوات بوضوح ويتم تظليلها بلون مختلف يميزها عن مثيلاتها الفريدة. 

ما هي أضرار السرقة الأدبية؟

يعمل المحتوى المنسوخ عمل أداة التدمير الذاتي في مستقبل الكاتب، ويعتبره مالكو المواقع الذين يشكلون شريحة العملاء الأساسية بالنسبة لأي كاتب، عدوهم الأول. من هنا تكمن أهمية معرفة عواقب السرقة الأدبية لكي يتجنب الكاتب متاعبها الجمة والتي سنتناول بعضا منها فيما يلي:

  • السرقة الأدبية تشوه سمعتك 

عندما ينتج الكاتب عملا ما فهو يعني أن إنتاجه الفكري هذا هو عمل أصيل كتبه من الألف إلى الياء بيده. وبالتالي نسخ محتوى الأخرين هو شكل فج من أشكال الكذب والخداع التي تمثل نقطة سوداء في سجل الكاتب وتضر بسمعته وتفقده ثقة القراء والعملاء. ليس هذا فحسب وإنما يزيد من صعوبة حصوله على عمل في المستقبل ويهدد مستقبله المهني إلى حد كبير.   

  • غياب الصفحة عن نتائج البحث المتقدمة 

يلعب المحتوى الفريد دورًا مهمًا في تحسين محركات البحث بالنسبة لأي موقع، إذ لا تُمنَح صدارة نتائج البحث إلا للصفحات صاحبة المحتوى الأكثر أصالة وتفردا. أما المحتوى المنسوخ فينال عقوبة خوارزميات البحث التي تكتشفه بسهولة بمقارنته مع المحتوى الأصلي، وتتمثل العقوبة في انخفاض ترتيب الصفحة، ولا يُطال ترتيب الصفحة فحسب وإنما ترتيب الموقع ككل في نتائج البحث.

تحسين محركات البحث
  • انخفاض عدد زيارات الموقع 

إذا تكرر نسخ الموضوعات في موقع ويب، سيلاحظ الزوار بسهولة أن المحتوى مكرر ولا يضيف لهم جديدا. ونظرا لانجذاب الناس لقراءة الموضوعات التي لم يسمعوا عنها من قبل، سيعزف الجمهور عن زيارة موقعك باحثا عن المواقع الأخرى ذات المحتوى الجديد.   

  • السرقة الأدبية تثبط مهاراتك في الكتابة

عندما يعتاد الكاتب نسخ محتوى الآخرين فهو من دون قصد يضعف فرصه في تنمية مهاراته ككاتب. فلا شك أن التنافس الصادق مع الآخرين وكتابة محتوى أصيل بأسلوب الكاتب الخاص سيجعل مهاراته في الكتابة تتحسن بمرور الوقت، فالكتابة كغيرها من المهارات الذهنية تشبه العضلة التي تصبح أكثر قوة بالتمرين المستمر. 

  • السرقة الأدبية تثبط الابداع 

الكتابة هي مجهود ذهني شاق يبذله الكاتب لأجل الخروج بنص أصيل ثري، وعندما يسرق الأخرون محتواه ينخفض الحافز الذي يشجعه على مواصلة الإبداع والكتابة. وإذا وضعت نفسك محله فمن المؤكد أنك لا تفضل السرقة لعملك الأصيل، ولا تفضل الشعور بالغصة في حلقك نتيجة سرقة جهدك.

  • السرقة الأدبية تعرضّك للمسائلة القانونية 

تعني السرقة الأدبية سرقة الإنتاج الفكري لشخص أخر وبالتالي هي سلوك غير قانوني تعتبره العديد من البلدان جريمة يعاقب عليها القانون، لانتهاكها قوانين حقوق الطبع والنشر التي تشكل جزءا مهما من قوانين حماية الملكية الفكرية. 

كيف تتجنب الوقوع في فخ السرقة الأدبية؟

تطوير الويب
  • استعن بأكثر من مصدر

العدو الأول للمحتوى الأصيل هو الكسل، ونعني هنا كسل الكاتب في البحث عن معلومات بشأن الموضوع الذي ينوي الكتابة عنه. ابحث جيدا وبعمق قبل البدء في الكتابة، وسيضيف كل موضوع جديد تقرأه بُعدا جديدا إلى الموضوع  الذي تكتب عنه ما يجعله أكثر ثراءا وتميزا.

  • اكتب بأسلوبك الخاص

إذا بحثت في أكثر من مصدر فأنت لا تزال بحاجة إلى بعض العمل لكي تنتج محتوى أصيل. لا تستسهل نسخ عبارات وفقرات كاملة من المصادر المختلفة، ولكن صيغها بأسلوبك الخاص. فكّر في جمهور القراء واكتب بالأسلوب المناسب لهم، فقد تنتج قطعة محتوى قادرة على توضيح المعنى على نحو لم تفعله المصادر التي استعنت بها. 

  • طوَّر لغتك الأجنبية

من أبرز المشكلات التي يواجهها صناع المحتوى العرب هي ضعف المحتوى العربي الحالي في أغلب المجالات، والذي يترتب عليه قلة المعلومات المتاحة بشأن موضوع ما، فيقع الكاتب من دون تعمد في فخ النسخ بسبب استعانته بمصدر واحد فقط أو اثنين على الأكثر. 

يكمن حل هذه المشكلة في تقوية اللغة الأجنبية لديك، إذ ستساعدك غزارة المحتوى المكتوب بالإنجليزية أو الفرنسية على سبيل المثال في جمع كم أكبر من المعلومات عن الموضوع لكي يمزج الكاتب بينها بحرية وينتج محتوى فريد غير منسوخ. 

  • قلل الاقتباسات إلى أدنى حد

ليست هناك مشكلة في إضافة اقتباسات لآخرين شريطة أن تذكر مصدر الاقتباس، ولكن الاستخدام المفرط لها سيفقد الاقتباسات أهميتها ويجعل المحتوى أقل أصالة، ناهيك عن أن ارتفاع نسبة الاقتباس في المحتوى لأكثر من 10% تفهمه محركات البحث على أنه محتوى منسوخ مما يؤدي إلى تراجع ترتيب الصفحة في نتائج البحث.

  • استخدم أدوات الكشف عن السرقة الأدبية

لكي تضمن راحة البال بعد إرسال المحتوى إلى العميل، دقق ما كتبت باستخدام إحدى أدوات كشف الانتحال المجانية التي أشرنا لها، حيث سيساعدك الفحص على الكشف عن السرقة الأدبية وعن وجود أي عبارات منسوخة بحيث تعمل على تعديلها قبل تسليم المقال.

ختامًا.. إحدى أسوأ الممارسات التي قد تقوم بها ككاتب هي نسخ محتوى الآخرين، ولا يهدف هذا المقال إلى تحذيرك من السرقة الأدبية فحسب، وإنما يهدف أيضا إلى مساعدتك على تجنب الوقوع في الكثير من المشاكل التي تحدث بقصد أو بدون قصد بسبب نسخ المحتوى. الأمر في النهاية يرتبط فقط بنزاهتك كمؤلف وسعيك الدؤوب الصادق لصقل سيرتك الذاتية ككاتب محترف.

تم النشر في: التسويق بالمحتوى