كيف سيتغير مكان العمل خلال العقود المقبلة

يُتوقّع أن يتغيّر مكان العمل بشكل جذري في السنوات المقبلة نتيجة لتغير الأجيال، وتقادم الأفكار التقليدية، والتطورات التكنولوجية المتسارعة. كل هذا سيؤدي إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها الموظفون، سواء من حيث مكان العمل أو كيفية القيام به. إليك 5 تغيّرات رئيسية مُتوقعة في مكان العمل خلال العقود المقبلة:

1. التحول الديموغرافي للعمالة

بحلول عام 2020، سيشكل جيل الألفية (الأشخاص المولودون في الثمانينات وما بعد) أكثر من نصف القوى العاملة، وبحلول 2025، سيشكلون أكثر من ثلاثة أرباع القوى العاملة1. الألفيّون هم مواطنون رقميون بالدرجة الأولى، فهم مُلمّون بتكنولوجيا الاتصال، وبارِعون في تعدد المهام، ومواقفهم وتوقعاتهم سيكون لها تأثير كبير على بيئة العمل، فهم يفضلون الاستقلالية والمرونة في العمل.

يتوقع الألفيّون نظام عمل مرن، مع إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، كما يميلون إلى العمل عن بعد، بحيث يمكنهم العمل من أي مكان، سواء من المنزل، أو مكتب العميل، أو مساحات العمل المشتركة، أو الفضاءات العامة. مدراء الموارد البشرية الذين يريدون أن يستقطبوا الكفاءات العليا من الألفيّين سيكون عليهم تكييف ظروف العمل مع توجهات الألفيّين. سواء عبر اعتماد جدول عمل مرن، أو إتاحة إمكانية العمل عن بعد ولو بشكل جزئي.

2. العمل عن بعد سيصبح هو المعيار

العمل عن بعد، بنوعيه التوظيف عن بعد، والعمل الحر، يوفر للعامل مرونة كبير في حياته الشخصية والمهنية، ويخفض تكاليف التنقل والوجبات الغذائية وركن السيارات وغيرها، كما أنّ الموظفين عن بعد أكثر إنتاجية عمومًا مقارنة بالموظفين التقليديين، والأكثر من هذا أنّ العمل عن بعد صديق للبيئة، ويعطي للموظف فرصة أن يعيش نمط الحياة التي يحبها.

فوائد العمل عن بعد ليست محصورة على الموظفين، بل إنّ الشركات والمشاريع يمكن أن تستفيد منه؛ إذ أنّ العمل عن بعد يقوّي الوضع التنافسي للشركة، لأنها ستكون قادرة على توظيف الكفاءات من أيّ مكان في العالم، ولن تحصر نفسها في المنطقة الجغرافية التي تتواجد فيها، إضافة إلى أنّها ستخفّض الكثير من تكاليف مقرات العمل.

3. الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءا من مكان العمل

الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءا من مكان العمل

الذكاء الاصطناعي سيُصبح جزءًا من بيئة العمل مستقبلًا، وهو أمر بدأنا نلمسه ونراه منذ اليوم. يساعد الذكاء الاصطناعي على تخفيض التكاليف، وتسريع الأعمال اليدوية، وزيادة الكفاءة والإنتاجية. وهذا سيدفع المزيد من الشركات والمشاريع إلى استخدام هذه التكنولوجيا في أماكن العمل مستقبلًا.

على سبيل المثال، في مجال التمويل يتم استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في الكشف عن محاولات الاحتيال بشكل فوري. بينما بدأت بعض الشركات في استخدام روبوتات تعمل جنبًا إلى جنب مع البشر، وأحيانًا يمكن أن تتولى لوحدها أداء العمل بأكمله دون إشراف من الإنسان. في اليابان مثلا، هناك فنادق تُدار بشكل كامل من قبل الروبوتات.

4. التطورات التكنولوجية ستغير ملامح مكان العمل

أكبر محرك للتغيير في مكان العمل ستكون هي التكنولوجيا بلا شك، فشَراسة المنافسة وتقلص هامش الأرباح جعل الشركات تبحث عن أيّ وسيلة لرفع الإنتاجية وتخفيض التكاليف، وقد وجدت ضالتها في الأدوات التكنولوجيا الحديثة، ومن أهم تلك الأدوات:

  • الواقع المعزز (AR) و الواقع الافتراضي (VR): ستُستخدم هذه التكنولوجيا في العمل الجماعي والتعاوني عن بعد، إذ ستتيح لفرق العمل عن بعد القيام باجتماعات افتراضية، كما أنّ لها تطبيقات في التسويق والتجارة الإلكترونية وغيرها من مجالات الاقتصاد الرقمي.
  • المُجسّمات (Holograms): تُمكّن تكنولوجيا المجسّمات من إعادة تكوين صورة الأجسام بأبعادها الثلاثة في الفضاء باستخدام أشعة الليزر، يمكن أن تُستخدَم هذه التكنولوجيا في المصانع ومراكز التصميم والمدارس، كما يمكن استخدامها في الاجتماعات عن بعد.
  • إنترنت الأشياء (IoT): لا شك أنّ إنترنت الأشياء التشبيك سيصبح أمرًا حيويًا في مكان العمل، فله الكثير من الاستخدامات الممكنة، مثلًا، يمكن للشركات استخدام الحساسات المشبوكة (IoT sensors) لمراقبة سلوكيات الموظفين، وتتبع الإنتاجية والمهام بشكل آلي، إضافة إلى أتمتة مكان العمل، مثلًا يمكن برمجة الأجهزة المشبوكة لإطفاء الأنوار إذا كانت الغرفة فارغة، أو إلقاء التحية على العملاء عندما يدخلون من الباب.

5. الابتكار سيكون هو القيمة المضافة للموظف

الابتكار سيكون هو القيمة المضافة للموظف

يظن الكثيرون أنّ الروبوتات والتكنولوجيا الحديثة ستأخذ وظائف الناس وتجعلهم عاطلين عن العمل، الشيء نفسه كان يُقال عن الآلات لما ظهرت لأول مرة، صحيح أنّ التطورات التكنولوجية تأخذ بعض الوظائف التقليدية من الإنسان وتحوّلها إلى الآلة، إلا أنها تخلق كذلك وظائف أخرى.

أتمتة العديد من المهام ستجعل أقسام الموارد البشرية في الشركات تركّز جهودها على الأشياء التي تتطلب لمسة إنسانية. الآلات قد تكون بارعة في إنجاز العمليات الحسابية وتحليل البيانات بسرعة، والقيام بالمهام التي تتطلب جهدًا بدنيًّا، لكنها لن تعوّض إبداع الإنسان.

مكان العمل المستقبلي لن يتألف من الآلات وحسب، ولا من البشر وحسب، ولكن سيكون مزيجًا بين الاثنين، ستتولّى الآلات المهام الروتينية، فيما سيتَفرغ الموظفون إلى الأنشطة التي تحتاج إلى إبداع وابتكار ولمسة إنسانية. المهارات التي سيَرغب أصحاب العمل أن يتمتع بها الموظفون هي المهارات التي لا يمكن أن يعوضها الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها الابتكار، فهي القيمة المضافة التي يُنتظر أن يضيفها الموظف إلى الشركة.

هل أنت جاهز للتغيرات القادمة في مكان العمل؟

إنّ التغيرات في مكان العمل قادمة لا محالة، وسيكون من الخطأ أن تتجاهلها، حتى لو بدت هذه التغيرات بعيدة، ولن تحدث إلا بعد عشر سنوات من الآن، فعليك أخذها بالحسبان، فآخر ما تريده أن تراهن على مجال معين، لتجد نفسك بعد عشر سنوات عاطلًا عن العمل لأنّ مهاراتك لم تعد مطلوبة في سوق العمل. إليك بعض النصائح التي ستساعدك على أن تواكب المستجدات التي يمكن أن تطرأ على مكان العمل حتى تحافظ على تنافسيّتك المهنية:

  • تابع الأخبار: لا تدع التغيير يداهمك، تابع الأخبار المتعلقة بالصناعة التي تعمل فيها، فهذا سيساعدك على التخطيط للمستقبل.
  • كن منفتحًا على الفرص الجديدة: عندما تبدأ التغييرات في الظهور، لا تعاند، ولا تتجاهلها؛ عليك أن تكون منفتحًا وتُجري التغييرات اللازمة في حياتك المهنية لمواكبة المستجدات، فالزمن الذي كان يعمل فيه الشخص في وظيفة واحدة طيلة حياته قد ولى، كُن مرنًا، فالتّغييرات التي تطرأ على مكان العمل وظروفه قد تكون فرصة لك لبدء مسار مهني ناجح.
  • اجعل نفسك ضروريا: اكتسب مهارات جديدة باستمرار لتمييز نفسك، واعمل بجد لبناء سمعتك. فآخر ما تريده أن يكون اسمك هو أول ما يخطر على بال مدير الشركة حين يكون مضطرًا لتَسريح بعض الموظفين.

هل توافقنا على هذه التوقعات؟ ما هي توقعاتك لمستقبل مكان العمل؟ انضمّ إلينا في التعليقات وأخبرنا برأيك.

تم النشر في: مشاريع ناشئة