كيف تدخل عالم الاقتصاد الرقمي

نسمع كثيرًا عن أشخاص أسّسوا شركات عملاقة في مجال الاقتصاد الرقمي وغيّروا العالم من خلال موقع أو برنامج أو تطبيق جديد. بعضهم بدأ من الصفر وبميزانية متواضعة واستطاع في ظرف وجيز أن يغيّر العالم الذي نعيش فيه. يكفي أن تنظر إلى قائمة أغنى الشركات مثل: جوجل وفيسبوك وأمازون وآبل وغيرها، لتجد أنّ عددًا كبيرًا منها ينشط في الاقتصاد الرقمي. مما يجعلك تتساءل: كيف يمكن أن أساير هذه الموجة وأستفيد من الفرص الهائلة التي يتيحها هذا المجال بدون خبرة في البرمجة أو معرفة بالتقنيات الحديثة؟

تعريف الاقتصاد الرقمي

يشمل الاقتصاد الرقمي كل الأنشطة الاقتصادية والتجارية التي تعتمد على المنتجات الرقمية وعلى شبكة الإنترنت. مثل: البرامج الحاسوبية والتطبيقات والخوادم والخدمات المتعلقة بشبكة الإنترنت، من تطوير المواقع والتسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية وغير ذلك. تُعد شبكة الإنترنت عصب الاقتصاد الرقمي، فكل أنشطة الاقتصاد الرقمي تعتمد بشكل أو بآخر على شبكة الإنترنت، لهذا قد تسمع البعض يشير إلى الاقتصاد الرقمي باقتصاد الإنترنت أو اقتصاد الويب.

مزايا الاقتصاد الرقمي

أصبح الاقتصاد الرقمي موضة العصر، فالجميع يريد أن يستثمر فيه ويؤسس مشاريع رقمية. لكن ما الذي يميز الاقتصاد الرقمي عن الاقتصاد التقليدي؟ ما الذي يجعله جاذبًا للمستثمرين ورواد الأعمال؟

قلة التكاليف

لعل أكبر ميزة تميز الاقتصاد الرقمي عن الاقتصاد التقليدي هو أنّ عتبة الدخول إليه منخفضة. يمكنك عمليًا إنشاء مشروع رقمي ببضع مئات من الدولارات فقط، كأن تنشئ متجرًا إلكترونيًا أو مدونة أو موقعًا للخدمات. في المقابل إن أردت إنشاء مشروع عادي، على سبيل المثال، متجر أو مطعم أو محل لإصلاح السيارات فستحتاج إلى ميزانية ضخمة وتكاليف أولية كبيرة.

قلة التعقيدات القانونية

التكلفة ليست العائق الوحيد أمام رواد الأعمال، بل هناك عائق آخر قد يكون أكبر أحيانًا، وهي الإجراءات القانونية. إذ أن إنشاء مشروع تجاري قد يكون كابوسًا إداريًا، فسيكون عليك أن تطوف على الإدارات لتحصل على التراخيص الضرورية، وهذا الأمر قد يستغرق أسابيع وشهور بل سنوات أحيانًا. على نقيض ذلك، نجد أن إنشاء مشروع رقمي أمر بسيط من هذه الجهة ولا يحتاج في كثير من الأحيان إلى أيّ ترخيص كما هو الحال لمن يريد إنشاء متجر إلكتروني مثلًا، إذ أنّ معظم الدول لن تُطالبك بترخيص من الأصل.

سرعة النمو

ينمو الاقتصاد الرقمي بوتيرة أسرع بمرّتين ونصف من الاقتصاد العام. وهو أمر نراه بوضوح من حولنا، انظر إلى السرعة المذهلة التي تنمو بها الشركات الرقمية. أوبر قبل 10 سنوات كانت مجرّد شركة صغيرة، والآن أصبح شركة عملاقة يتجاوز رأس مالها السوقي 60 مليار دولار، وهذه الظاهرة شائعة في الاقتصاد الرقمي.

المرونة في العمل

تعتمد معظم أنشطة الاقتصاد الرقمي على شبكة الإنترنت، لذا فقد سمح الاقتصاد الرقمي بظهور أشكال مرنة من العمل مثل العمل عن بعد الذي يسمح للشركات بتوظيف أشخاص عن بعد. هذه المرونة أعطت للمشاريع الرقمية ميزة تنافسية كبيرة، فلم تعد محصورة في المنطقة الجغرافية التي تعمل فيها.

فيمكن للشركات الآن الاستفادة من أفضل الكفاءات من كل مكان في العالم. وقد ظهرت الكثير من المنصات في السنوات الأخيرة التي تسمح للمشاريع والشركات الرقمية بأن توظف مستقلين أو موظفين عن بعد من أيّ مكان، مثل منصة بعيد التي تسمح للشركات والمشاريع بتوظيف أفضل الكفاءات العربية عن بعد.

ضخامة السوق والمعلومات

عند إنشاء مشروع رقمي، سينفَتح أمامك سوق ضخم. هذا السوق ليست له حدود، إذ يمكنك تقديم خدماتك وبيع منتجاتك في كل مكان في العالم تصله شبكة الإنترنت. إذ أن الاقتصاد الرقمي هو اقتصاد معرفة بامتياز. فعند إنشاء مشروع رقمي ستُتاح لك ثروة ضخمة من البيانات حول عملائك.

وكل شخص يزور موقعك أو متجرك أو يشتري منك خدمة ستُخزّن بياناته في قاعدة البيانات. يمكنك تحليل هذه البيانات لمعرفة المزيد عن عملائك، وتطوير منتجاتك بما يناسب احتياجاتهم وخصوصياتهم، وهذا سيقوي مكانتك التنافسية ويسرّع نمو مشروعك بشكل مذهل.

كيف تستثمر في الاقتصاد الرقمي؟

كان العثور على خبراء في مجال البرمجة قبل بضع سنوات صعبًا للغاية ومكلفًا. فتوظيف مبرمج أو مصمّم مواقع أو مهندس ليس بمقدور الجميع، والأكثر من هذا أنّك لو وظّفت مبرمجًا فعلى الأرجح أنّه لن يكون قادرًا على أن يتولى وحده كل جوانب المشروع التقنية. لأنّ المشاريع التقنية متشابكة، وتتطلّب الكثير من المهارات مثل مهارة البرمجة والتصميم وإدارة قواعد البيانات والتسويق الرقمي والأمن والسيو وغيرها.

كل شيء تغير مع ظهور منصات العمل الحر. هذه المنصات تسمح لأصحاب المشاريع بأن يوظفوا مستقلين في مجالات البرمجة والتصميم والتسويق وغيرها لإنجاز المهام التي يتطلّبها المشروع. كل ما عليك فعله هو الذهاب إلى إحدى منصات العمل الحر وإضافة مشروع هناك، وتوظيف مستقلين ينجزون المشروع بكفاءة عالية. إذ أصبح بمقدور أيّ أحد اليوم أن يكون جزءًا من الاقتصاد الرقمي حتى لو لم يكن قادرًا على كتابة سطر واحد من الشيفرات البرمجية، وحتى لو لم تكن له أيّ خلفية علمية أو تقنية.

مستقبل الاقتصاد الرقمي

الاقتصاد الرقمي هو اقتصاد الحاضر والمستقبل، وهو مصدر لا ينضب من الفرص الاقتصادية. كما أنّ سهولة الدخول إلى هذا الاقتصاد، وسهولة إنشاء مشروع رقمي يجعله مثاليًا للشباب وأصحاب الميزانيات المحدودة الذين يريدون إنشاء مشاريع خاصة بهم. وعلى عكس المُتوقع، لا تحتاج إلى خبرة برمجية أو خلفية علمية لإنشاء مشروع رقمي. كل ما تحتاج إليه؛ فكرة جيدة ورؤية واضحة لكيفية تطبيقها. أما الجوانب التقنية فيمكنك تفويضها لأشخاص وخبراء مختصين.

والخبر السعيد أن العالم العربي ليس بمنأى عن تطورات الاقتصاد الرقمي، فانتشار شبكة الإنترنت والهواتف الذكية في العالم العربي فتح الباب على مصراعيه للشباب ورواد الأعمال العرب لإنشاء مشاريعهم الرقمية. لهذا ظهرت منصات عربية للعمل الحر تهدف إلى مساعدة رواد الأعمال على توظيف المستقلين. أكبر هذه المنصات منصة مستقل، وهي منصة عربية للعمل الحر يمكنك العثور فيها على أفضل الكفاءات العربية في كل المجالات، من البرمجة والتصميم، وحتى التسويق والكتابة والاستشارات القانونية.

خلاصة القول أنّك لا تحتاج إلى معرفة تقنية أو خبرة في البرمجة لتدخل غمار الاقتصاد الرقمي. ابحث عن فكرة مشروع ترى أنّها يمكن أن تنجح، وصمّم خطة عمل. وبعد ذلك وظف مستقلين يتولون الجوانب التقنية من المشروع. هناك العديد من الأفكار التي يمكن أن تبدأ بها كأن تنشئ متجرًا إلكترونيًا أو مدونة أو موقعًا لتقديم خدمات معينة أو تبني تطبيقًا أو تُصمّم لعبة. فالخيارات غير محدودة.

تم النشر في: نصائح ريادية