الاقتصاد السلوكي: 5 استراتيجيات ذكية لزيادة مبيعاتك

تطوّر الاقتصاد السلوكي “Behavioral economics” في السنوات الماضية بشكلٍ كبير، وأصبحت تعتمد عليه الكثير من الشركات والمؤسسات حول العالم لفهم سلوك عملائها وتلبية احتياجاتهم بشكل أفضل. إذ تخبرنا الدراسات التي تهتم بدراسة الاقتصاد السلوكي أن 70% من قرار المستهلك قرار عاطفي. لكن ما الاقتصاد السلوكي؟ وما الفرق بينه وبين الاقتصاد التقليدي؟ وكيف يمكن الاستفادة منه في عالم الأعمال؟

جدول المحتويات:

ما علم الاقتصاد السلوكي؟

يعدّ علم الاقتصاد السلوكي أحد فروع علم الاقتصاد الحديث، إذ يهتم بدراسة العَلاقة بين علم النفس وعملية اتخاذ القرار الاقتصادي والمالي من قِبل المستهلكين. يركّز هذا العلم على دراسة العوامل النفسية، المعرفية، العاطفية والاجتماعية للمستهلكين المؤثرة على تفضيلاتهم الخاصة لمنتج معين على حساب منتج آخر.

يوضّح علم الاقتصاد السلوكي أن المستهلكين ما هم إلا بشر أغلب قراراتهم تكون غير منطقية وتتأثر بشكل كبير بالمشاعر والعواطف. يساعد هذا الاستنتاج كلًا من الشركات والمؤسسات في فهم طريقة تفكير المستهلكين لتلبية احتياجاتهم الغير منطقية والعاطفية، مما يترتب عليه تعظيم أرباح الشركة وتمتّعها بميزة تنافسية في السوق.

على سبيل المثال، تتنافس شركة “ستار باكس” و”دانكن دونتس” في مجال تقديم القهوة بمختلف أنواعها للمستهلكين. حيث نجد أن أسعار قهوة “ستار باكس” أعلى مقارنةً بقهوة “دانكن دونتس” لنفس الحجم، ومع ذلك تشهد الأولى إقبالًا واسعًا عليها مع أنّ طعمها ليس أفضل من قهوة “دانكن دونتس” وأسعارها أغلى بنسبة 20% تقريبًا.

يرجع ذلك إلى اعتماد شركة “ستار باكس” على أسس علم الاقتصاد السلوكي، إذ تُولي الشركة اهتمامًا كبيرًا لعواطف ومشاعر عملائها بكتابة أسمائهم على المشروب الخاص بهم. ومع ذلك يعدّ تأثير هذه الحركة البسيطة إيجابيًا على العميل، إذ تُشعره بأن هذا المشروب أُعد خصيصًا من أجله، وبذلك نستنتج من هذا المثال أن احتياجات العميل ليس شرطًا أن تكون منطقية ولكن قد تكون غالبًا عاطفية.

كيف تأسس الاقتصاد السلوكي؟

ظهر علم الاقتصاد السلوكي أول مرة في عهد الاقتصاد التقليدي، إذ كان يركز الاقتصاد الجزئي حينها على دراسة علم النفس وتأثيره على القرارات الشرائية للمستهلكين. يتضّح ذلك جليًا في مؤلفات بعض علماء الاقتصاد خلال هذه المدّة التي ركزّت بشكل كبير على عَلاقة علم النفس بالاقتصاد.

على سبيل المثال، قام “آدم سميث” بتأليف كتاب “نظرية المشاعر الأخلاقية” في عام 1759م الذي شرح فيه سلوك المستهلك اعتمادًا على علم النفس، بالإضافة إلى مؤلفات “جيرمي بينثمان” التي تناولت بالتفصيل الأسس النفسية لمنفعة الفرد.

ومع دخول عصر الاقتصاد الكلاسيكي الجديد، ظهر مفهوم الإنسان الاقتصادي أو كما يعرف باسم (Homo economicus) وهو مصطلح يصوّر الفرد على أنه لا يتخذ سوى القرارات العقلانية والمنطقية التي تحقق له المصلحة الذاتية وأهدافه المحددة على نحوٍ أمثل.

بدأ الاهتمام مرة أخرى بالاقتصاد السلوكي مع بدايات الستينيات من القرن الماضي وظهرت عدّة نظريات التي كانت نواة علم الاقتصاد السلوكي الحالي. تعدّ نظرية “العقلانية المقيدّة” واحدة من أهم تلك النظريات التي فسّرت كيف أن بعض الأفراد أحيانًا قد يتخذوا قرارات غير منطقية لا تحقق مصالحهم الذاتية بالضرورة.

أسس “هربرت أ. سايمون” الحاصل على جائزة نوبل عام 1978م، تلك النظرية التي تنص على أن الأفراد يتمتعون بعقلانية محدودة في أغلب الأحيان. ويعود ذلك لعدّة أسباب منها على سبيل المثال: صعوبة تتبع مشكلة القرار، القيود المعرفية بالإضافة إلى عدم توافر الوقت الكافي لديهم لكل ذلك. وبذلك تكون أغلب قراراتهم الشرائية في نهاية المطاف قرارات مُرضية وليس مثالية.

تطبيقات الاقتصاد السلوكي

فيما يلي أهم تطبيقات الاقتصاد السلوكي المعتمدة على مَبادِئ ومفاهيم علم الاقتصاد السلوكي، التي يمكن الاستفادة منها لخدمة أعمالك التجارية:

أولًا: مبدأ النفور من الخسارة

يكره أغلب المستهلكين الخسارة ويخاف منها حتى لو كانت على حساب تحملهم للمخاطر، يمكن الاستفادة من هذه العاطفة أو هذا السلوك لخدمة الأعمال التجارية، وذلك بإخبار العميل أن هذا المنتج أو الخدمة سوف يساعده على تجنب خسارة شيء آخر معين.

على سبيل المثال، إذا كنت تبيع نوع معين من مكيفات الهواء موفرًا للطاقة وتستهدف شريحة العملاء المهتمين بشراء مكيف هواء. ببساطة أخبر العميل أن شرائه لهذا المنتج سيوفّر عليه دفع فواتير كهرباء مرتفعة شهريًا، وذلك لتحفيز سلوك النفور من الخسارة لدى العميل.

ثانيًا: مبدأ عدم الإفراط في الاختيارات

عندما يكون هناك اختيارات متعددة أمام المستهلك فهذا يترتب عليه توقعات غير عقلانية وشلل في صنع القرار الشرائي (شراء المنتج أو الخدمة) بالإضافة إلى الشعور بعدم الرضا والتعاسة. لذا يمكن الاستفادة من هذا السلوك لزيادة مبيعاتك بواسطة عدم الإفراط في الخيارات المتوفرة للعملاء حتى لا يصابوا بحيرة تؤثر على قرار شرائهم.

فحسب دراسة أجريت عن مشتريات المربى في السوبر ماركت، تبيّن أن حوالي 30% من المتسوّقين الذين جربّوا عينات 6 أنواع مختلفة من المربى أجروا عملية شراء، بينما بلغت نسبة الشراء 3% فقط عند تقديم 24 نوع مربى مختلف. حيث عبّر المتسوقون عن ارتياح أكبر في إجراء عملية شراء في الحالة الأولى عندما كانت الخيارات غير مفرطة.

ثالثًا: استخدام تأثير التأطير

يعدّ تأثير التأطير أحد تطبيقات الاقتصاد السلوكي التي تستخدم بكثرة في الأعمال التجارية خاصة في محلات البقالة الكبيرة والسوبر ماركت. يعدّ تأثير التأطير هو أحد التحيّزات المعرفية التي تفسّر لنا كيفية اختلاف ردود الأفعال تجاه شيء معين حَسَبَ الطريقة التي يعرض بها هذا الشيء علينا.

يمكن الاستفادة من تأثير التأطير لخدمة الأعمال. على سبيل المثال، إذا كنت تمتلك مطعمًا يقدّم خدمة بوفيه الطعام المفتوح أمام الزبائن و ترغب في تجنب إهدار جزء كبير من الطعام لتوفير المصاريف، يمكن استخدام تأثير التأطير لذلك باستخدام أطباق صغيرة الحجم وتقديم مقادير صغيرة من الطعام للزبائن في كل مرة.

رابعًا: استخدام تأثير الشرك

يعدّ “تأثير الشرك” أو كما يعرف باسم “تأثير سعر الإغراء” أحد تطبيقات الاقتصاد السلوكي الذي يعمل على تغيير تفضيلات المستهلكين بين خيارين عند وضع خِيار ثالث بينهما غير متكافئ. مثال على ذلك، إذا كان هناك عبوتين من الفشار أحدهما حجم صغير والآخر حجم كبير بسعر. وكان الهدف هو جعل المشتري يقبل على شراء الحجم الكبير مع العلم أن المشتري يقارن الحجم والسعر لتحديد الحجم المثالي له.

يمكن استخدام تأثير الشرك في هذا المثال بإضافة حجم وَسَط بين الحجم الأصغر والأكبر مع إضافة سعر غير متكافئ قريب من سعر الحجم الكبير. وبذلك يكون الحجم الكبير بالنسبة للعميل خيارًا لا يقاوم، وذلك لأنه يحتوي على كَمَية أكبر من الحجم المتوسط بالإضافة إلى أن سعره أكبر بشيء يسير من الحجم المتوسط.

خامسًا: استخدام تأثير الارتساء

يعدّ تأثير الارتساء (Anchoring) أحد أهم تطبيقات الاقتصاد السلوكي المستخدمة في الأعمال التجارية. يعمل تأثير الارتساء على توجيه تركيز المستهلك على معلومة واحدة أو جزء معين من المعلومات لاستخدامها كمرجع أو معيار للقرارات الشرائية الأخرى بصرف النظر عن منطقية تلك القرارات من عدمه.

على سبيل المثال، إذا كنت تمتلك متجر ملابس يمكنك عرض قطع الملابس بسعر مرتفع في أول المتجر بحيث يكون أمام أعين الزبائن بمجرد دخولهم إلى المحل مع الإبقاء على بقية قطع الملابس الأخرى بأسعارها العادية. سوف يقارن العميل بأول سعر وقعت عليه عينيه عند الدخول إلى المحل، لذا ستبدو قطع الملابس الأخرى بسعر مناسب له وسيكون متحفزًا لشراء بعضًا منها.

في الختام، يزداد الاهتمام يومًا تلو الآخر بعلم الاقتصاد السلوكي في عالم الأعمال فلا تدع القطار يفوتك وابدأ في تسخيره الآن لخدمة أعمالك التجارية. ولكي توفّر على نفسك الوقت والجهد، يمكنك توظيف استشاري أعمال محترف عبر موقع مستقل، أكبر منصة عمل حر عربية ليطبق لك استراتيجيات الاقتصاد السلوكي المختلفة لتعزيز أعمالك.

تم النشر في: مبيعات، نصائح ريادية