التحفيز الذاتي: كيف تنتج أكثر من أي وقت مضى؟

يحدد الكثيرون منا أهدافًا وخططًا، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني، غالبًا ما تكون أجندات التخطيط أول وآخر مأوى لهذه الأهداف، وقليل منها ما يرى النور ويصبح حقيقة. قد نلقي اللوم على الظروف الخارجية وضيق الوقت، لكن السبب الحقيقي هو افتقارنا إلى التحفيز الذاتي. إذًا ما التحفيز الذاتي؟ وكيف تحفز نفسك لإنتاجية أفضل؟

ما هو التحفيز الذاتي Self motivation؟

التحفيز الذاتي هي القوة التي تدفعك للمضي قدمًا في طريقك للسعي وراء أهدافك في الحياة. ويعد فن التحفيز الذاتي من أهم المهارات الحياتية التي تساعدك في جميع مناحي حياتك، وليس فقط أهدافك العملية. لا سيما مع رتابة الحياة، التي قد تصيبك بفترات خمول وعدم إنتاجية، بالتالي عدم شعورك بالرضا عن نفسك، حينها تحتاج لأسباب قوية للاستمرار في تحقيق أهدافك، ومواجهة الإحباطات.

هناك نوعان أساسيان من التحفيز هما: التحفيز الذاتي والدوافع الخارجية. الدوافع الخارجية هي قيامك بمهام معينة من أجل مكافآت خارجية مثل المال والشهرة والسلطة. أما الدوافع الذاتية فهي إتمام المهام من أجل شعورك بالرضا الذاتي، وليس انتظارًا لأي مكافأةٍ أو مديحٍ من أحد.

هناك ارتباط وثيق بين فن التحفيز الذاتي ومهارات الذكاء العاطفي؛ إذ إن الذكاء العاطفي هو قدرتك على إدراك مشاعرك والتعامل معها، بالإضافة إلى فن التعامل مع الآخرين. فعند فهم ذاتك وتقديرها، ومعرفة ما ترغب به، سوف تستطيع الوصول للنجاح الذي تطمح إليه. كما ويركز الذكاء العاطفي على تفاؤل الشخص وعدم الاستسلام عند العقبات، ما يدفعك للمضي قدمًا لتحقيق أهدافك.

ما هي مهارات التحفيز الذاتي؟

لا بد أن تتعرف إلى عوامل التحفيز الذاتي لتتمكن من تعزيز دوافعك الذاتية، من مهارات التحفيز الذاتي:

  • الطموح: من أقوى عوامل التحفيز الذاتي هو طموحك للوصول لمكانة مرموقة، أو حصولك على مكافأة مادية.
  • الالتزام: إن أردت تحقيق أي هدف، عليك الالتزام بما هو مطلوب منك، بصرف النظر عن ظروفك الخاصة.
  • المبادرة: من المهم أن تتخذ زمام المبادرة والمغامرة، والجرأة على تجرِبة كل جديد.
  • التفاؤل: تُعينك العقلية الإيجابية التي ترى الخير في كل المواقف، للوصول لأهدافك. لأنك لن تتوقف أمام أي موقف سلبي.
  • الرغبة: تجعلك رغبتك وشغفك الداخلي ملتزمًا في تحقيق مساعيك.
  • الإيمان بالذات: من الضروري تعزيز ثقتك وإيمانك بنفسك، لتصل لأهدافك. فلن يكون دائمًا هناك من يدعمك، ويقدم لك دوافع خارجية.

كيف تعزز تحفيزك الذاتي لمزيد من الإنتاجية؟

أولًا: اعثر على مجال تفردك

عندما تعثر على المجال الذي تحبه وتتقنه، فسوف تحفزك إنجازاتك الصغيرة وتقدمك على الاستمرار في الإنتاج، والتعمق أكثر في هذا المجال. وأنت إلى ذلك، سوف تستمد تحفيزك الذاتي من تشجيع الآخرين لك، وسوف يعزز ذلك تقديرك وثقتك بنفسك. وعلى العكس، إن كنت تعمل بمجال لا تتقنه ولا تفقه به شيئًا، سوف يتملكك الإحباط واليأس مع كل محاولة تبوء بالفشل.

ثانيًا: استمر بالتعلم

لا يمكنك الاعتماد على مخزونك المعرفي فقط، وتتجاهل حاجتك الدائمة لمواكبة الجديد في مجالك، أو تعلم مجالات ومهارات ليست مألوفة لك. فسيبقى عقلك متحفزًا، عندما تعتاد أن تتحداه بمعلومات جديدة. إضافةً إلى ذلك، سيقوي اطلاعك على مختلف المجالات مهاراتك، وسيساعدك في اكتشاف فرص وأهداف جديدة.

ثالثًا: اجعل أهدافك واقعية

من المهم أن تتسم أهدافك التي تسعى لتحقيقها بالواقعية، يعني تكون قابلة للتحقق. لا يقصد بذلك التخلي عن متعة التحدي في أهدافك، ولكن عليك أن تكون ذكيًا بوضع خططك، وتعطي كل هدف وقته المعقول ليصبح حقيقة. وكذلك، عليك تقسيم الأهداف الكبيرة إلى أهداف ومهام أصغر، بذلك يمكنك الشعور بالفخر والحماس عند إنجاز هذه الخطوات الصغيرة.

رابعًا: ابنِ عاداتك واخلق روتينك الخاص

يقول علماء النفس أنك تحتاج إلى 21 يومًا لبناء عادة جديدة، ومن ثم لن تحتاج لتذكرها وبذل مجهود للقيام بها. ومن الطرق الفعالة لاكتساب عادات جديدة، هو تقسيمها إلى عادات صغيرة، والبدء بالتعود عليها تدريجيًا. مثلًا، إن كنت ترغب في إدخال عادة الاستيقاظ مبكرًا، فلن تكتسب هذه العادة بين عشية وضحاها، بل ستحتاج لفترة اعتياد عليها.

إن كنت تستيقظ في العاشرة صباحًا على سبيل المثال، فحاول أن تستيقظ في التاسعة في الأسبوع الأول، وفي الأسبوع الثاني حاول الاعتياد على الاستيقاظ في الثامنة والنصف، وهكذا تدريجيًا إلى أن يصبح استيقاظك باكرًا جزءًا من روتينك، ولن تحتاج للتفكير أو العناء عند القيام به. بهذا، سوف تعزز تحفيزك الذاتي.

خامسًا: أحط نفسك بأشخاص تشاركهم الاهتمامات ذاتها

الإنسان اجتماعي بطبعه، إذ تميل النفس البشرية إلى الاحتياج للشعور بالانتماء والمشاركة مع الآخرين. حيث يعطي مشاركة النشاطات والمهام مع الآخرين، حافزًا لإنجازها، بل وإنجازها على أكمل وجه. مثلًا، يشعر الموظفون بالحماس ورغبة بالعمل عند وجودهم في مكان عملٍ واحد. على العكس إن كان كل موظف يعمل على حدة، حينها قد يتملكه الملل واليأس.

وكذلك، يزيد وجود صديق لك في التزامك بالأنشطة، ألم تلاحظ من قبل أنك تكون أكثر التزامًا بالذهاب للصالة الرياضية مثلًا عندما تذهب مع صديقك. وجود رفقاء يزيد من استمتاعك بنشاطٍ ما، وعلى هذا فإنك سوف تميل للالتزام به. كما ويشجعك إحاطة نفسك بأشخاص متفائلين ومتحمسين على العمل، وسيكون حماسهم ونشاطهم معديًا لك.

لا شك أن مشاركة الآخرين اهتماماتك يعطيك دافعًا قويًا للاستمرار، لكن عليك دومًا تحمل مسؤولية نفسك وقراراتك، فأنت المسؤول الأول عن حياتك، فلا يمكنك دائمًا الاعتماد على الدوافع الخارجية لتحقيق أهدافك. لذا، فإن معرفتك للسبب الحقيقي وراء رغبتك في الوصول لهدفٍ ما، سيكون دافعك الأول للاستمرار.

سادسًا: خصص وقتًا لنفسك

كثرة العمل لا تعني دومًا إنتاجية أفضل، على العكس ينبغي لك التركيز على العمل بذكاء وكفاءة أكبر، وليس لساعاتٍ أطول. فأنت في النهاية تحتاج للراحة وتجديد طاقتك، يمكنك التنزه في الحديقة وقضاء بعض الوقت في الطبيعة، أو المشي في الصباح الباكر. سيساعدك ذلك على إعادة ترتيب أفكارك، وتقليل توتر وضغط العمل. كذلك، تعد كتابة اليوميات من الطرق الجيدة للتخلص من القلق، وتجديد طاقتك وحماسك.

سابعًا: كُن متفائلًا

لن تسير الحياة دومًا على وتيرة واحدة، ولن تكون وردية طوال الوقت، عليك الاقتناع بذلك وعدم الوقوف مليًا أمام المواقف المُحبطة، اعطها وقتها الذي تستحقه، ثم تخطها. وتعلم كيف ترى الأشياء الجيدة في خضم المواقف السيئة.

ببساطة، اتخذ التفكير الإيجابي مذهبك، وكن مرنًا في التعامل مع الأمور المختلفة. وكذلك، ضع لنفسك خطة بديلة عند مواجهة معرقلات. هكذا، سوف تتجنب الكثير من لحظات الإحباط الذي يقتل شغفك ودوافعك للاستمرار في تحقيق أهدافك.

ختامًا، دافعك الذاتي هو طريقك للوصول لمبتغاك في النهاية، فلن تصل للنجاح الذي تسعى إليه دون دوافع نابعة من داخلك، تلك التي تجيب عن تساؤلك كل صباح، لماذا علي النهوض من السرير اليوم؟ ستساعدك النصائح السابقة على تعزيز التحفيز الذاتي لديك للاستمرار في الإنتاج والعمل، بصرف النظر عن مدى ضغط العمل لديك أو حالتك المزاجية.

تم النشر في: تطوير المهارات