كيف توظف مستشار تربوي محترف عبر الإنترنت؟

التربية مسئولية غامرة، ورغم كثرة المصادر المتاحة التي تساعد الآباء والأمهات والمعلمين في رحلتهم التربوية؛ سواء على مواقع الويب أو منصات التواصل الاجتماعي، فإنه في بعض الأحيان يمر المربي بمرحلة يشعر فيها أنه لا يملك المصدر المعرفي المناسب لمساعدته على تخطي الموقف الصعب الذي يمر به، وهنا يكون اللجوء إلى مستشار تربوي خبير حلًا لأكثر تحديات التربية صعوبة.

جدول المحتويات:

من هو المستشار التربوي؟

لا شك أن تربية الأولاد واجب كبير ومهم، يمر بمنعطفات صعبة في بعض الأحيان مثل: مرحلة رعاية المولود الجديد وفترة المراهقة، فضلًا عن التحديات اليومية مثل: انحراف السلوك وسوء العادات الغذائية وضعف التحصيل الدراسي.

وفي الوقت الذي تتطور فيه الكثير من المهارات التربوية للمربين من خلال الممارسة والتجربة الشخصية ونصائح العائلة والأصدقاء، إلا أن البعض قد يحتاج إلى مساعدة خارج هذا النطاق، وهنا يأتي دور المستشار التربوي الذي يركز على توجيه المربي وتثقيفه بالحل المناسب للهدف الذي يريد تحقيقه.

المستشار التربوي هو متخصص يساعد الآباء والأمهات على حل التحديات التي قد يواجهونها في تنشئة الأبناء وتعليمهم، وبناء علاقة أسرية سوية ومتوازنة. يشخص المستشار التربوي حالة الابن ويقيم المشكلة أو الموقف ككل، ثم يقدم استشارة فردية مخصصة تناسب الأسرة والأبناء، واضعًا في حسبانه قيم المربي وطبيعة العلاقات داخل الأسرة والسياق العائلي الفريد لكل بيت.

لا يقدم المستشار التربوي حلًا سحريًا ولا طرقًا مثالية للتربية، لكنه يساعد في حل المشكلة بإجراء تغييرات صغيرة متواترة تحتاج إلى التحلي بالصبر، كما أنه يثقف الوالدين بنفسية واحتياجات الأولاد في المرحلة العمرية التي يمرون بها بما يعزز من التفاهم بينهم.

ما هي طبيعة دور المستشار التربوي؟

يلعب المستشار التربوي دورًا مهمًا في حل المشكلات التربوية من خلال الكشف عن النقاط العمياء التي لا يكون المربي على علم بها، كما أنه يبصره بالفروق الدقيقة في المشكلة التي يعاني منها. من ناحية أخرى، قد يقوم المستشار التربوي بدور المسائلة الرؤوفة التي تقيّم سلوك المربي وتكشف أخطاءه، كما أنه يدلي بملاحظاته على تصرفاته وأفكاره.

لا يقدم المستشار التربوي إرشاداته ليخبر المربي كيف يتصرف فحسب، لكنه يخبره أيضًا بماهية السبب وراء ذلك ليمكنّه من فهم مراحل نمو الابن، وقد يقترح موارد مساعدة تساهم في حل مشكلة المربي مثل: الكتب والفيديوهات. إجمالًا، يساعد المستشار التربوي في حل العديد من المشكلات، فيما يلي بعض الأمثلة لها:

  • غرس القيم والأخلاق.
  • تطوير مهارات اللعب.
  • تعديل سلوك الأطفال الصغار.
  • الشقاق بين الإخوة.
  • نوبات الغضب.
  • السلوكيات المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
  • التشاؤم والأفكار الانتحارية.
  • اضطرابات الأكل.
  • الإدمان للمراهقين.
  • تنظيم وقت الشاشات.
  • التعافي من الصدمات والحوادث الأليمة.
  • تقبّل الأحداث غير المتوقعة مثل: وفاة شخص عزيز أو انفصال الأبوين.
  • إدارة التوتر والغضب للمربي.
  • تحقيق التوازن بين العمل والأسرة.

فضلًا عما سبق، يتمتع المستشارون التربويون بمجالات خبرة مختلفة تؤهلهم للعمل مع تحديات معينة، فمثلًا المستشار التربوي التعليمي يساعد في علاج المشاكل ذات الصلة بالتعليم مثل: صعوبات التعلم وعسر القراءة، أما المستشار التربوي الأسري فيعمل على حل المشاكل التي تشمل الأسرة كلها، ويقدم يد العون لأفرادها بالكامل ويعثر على الحلول التي توطد العلاقة بينهم جميعًا؛ بما في ذلك حل الخلافات بين الزوجين التي تؤثر سلبًا على الأبناء.

لماذا تحتاج إلى توظيف مستشار تربوي؟

تشير الأرقام في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن الاستشارات التربوية هي جزء من صناعة التدريب الشخصي التي تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار، وفي عالمنا العربي يُلاحظ مؤخرًا تصاعد اهتمام الآباء والأمهات بالحصول على المشورة السليمة عندما تواجههم تحديات في تربية الأبناء. فيما يلي بعض الأسباب التي تشجع الوالدين والمعلمين على البحث عن مساعدة مستشار تربوي:

علاج جذري لأصل المشكلة

عندما تواجهنا مشكلة في التربية، فإننا في العادة نفكر في المشكلة كموقف منفرد يحتاج إلى حلٍ سريع، وقد يعمل هذا الحل كمسكن مؤقت يعالج الموقف، لكنه ينذر باستمرار المشكلة في مواقف أخرى. يتعامل المستشار التربوي مع المشكلة بذهنية مختلفة، إذ ينظر إلى الصورة الكبيرة للسلوك الخاطئ، ويوجه المربي إلى الطريقة المنتظمة السليمة لحل المشكلة، فيخرج المربي من هذا التوجيه ليس بحل للموقف فقط، بل يصبح شخصًا مختلفًا عما كان من قبل.

العثور على المسار التربوي السليم

نجد عند البحث على الإنترنت عشرات الصفحات التي تقدم نصائح وطرق لعلاج مشكلات تربية الأبناء، عدا عن نصائح الأهل والأصدقاء التي قد يشوبها قصور أو تتقيد بظروف الناصح الشخصية، وسط هذا السيل من المعلومات التي يستهلكها المربي أثناء بحثه عن علاج للمشكلة التربوية التي يواجهها؛ يشعر بالحيرة، وهنا يأتي دور المستشار التربوي الذي يناقش مع المربي المشكلة، ويفرز المعلومات المتضاربة والنصائح العديدة ليبصره بما هو مناسب له وللابن.

الاستعداد للمراحل المختلفة التي يمر بها الأبناء

ينتقل الأبناء على مدار حياتهم من مرحلة إلى أخرى، وتحمل كل واحدة سماتها وتحدياتها الخاصة، لذلك يحتاج الآباء إلى أن يكونوا على أهبة الاستعداد باستمرار للتعامل مع الطبيعة المختلفة لكل مرحلة عمرية، ويساعدهم المستشار التربوي بدوره في رسم المسار المناسب لكل مرحلة، ويمكّن المربي من التخطيط للمرحلة التي يُقبِل عليها دون تخبط أو مفاجآت.

اكتشاف الذات

أحيانًا ما يمنح الحديث الشخصي مع المستشار التربوي الفرصة للمربي لإعادة ترتيب أفكاره، واكتشاف ذاته بمميزاتها وعيوبها التي إذا ما أجيد توظيفها أو علاجها، فقد يعثر على طرق أبسط لحل المشكلة لم تكن تطرأ على ذهنه من قبل.

يجيد المستشار التربوي طرح الأسئلة الصحيحة، كما أنه يناقش مع المربي حقيقة ما يحدث وما يفكر فيه وما يخاف منه، وبالتالي يُسفر هذا الحديث عن وعي أعلى للمربي بذاته، ومن ثم سهولة أكبر في التعامل مع المشكلة.

مهارات المستشار التربوي

يقضي المستشار التربوي أيامه في بحث المشكلات والعصف الذهني والتحليل، وتقديم حلول للمربين الذين يبحثون عن مشورته ورأيه، فيما يلي قائمة بالمهارات التي تساعده في أداء عمله بنجاح:

الخبرة العملية

تُعد التربية بتحدياتها المختلفة علمًا تطبيقيًا لا نظريًا، لذلك يحتاج المستشار التربوي المتمرس إلى امتلاك خبرة سابقة في مجال التربية؛ سواء كمعلم أو مربي، تساعده هذه الخبرة في تفهم احتياجات السائل جيدًا وحقيقة التحدي الذي يواجهه، والسياق العام للظروف وطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الابن، وبالتالي يطرح حلولًا عملية ممكنة بدلًا من النصائح النظرية صعبة التنفيذ.

الاستماع التعاطفي

يعني الاستماع التعاطفي الرغبة في فهم كيفية تأثير المشكلة على السائل شخصيًا وليس فقط النتيجة النهائية الحاصلة، تعزز هذه المهارة من قدرة المستشار على فهم ومساعدة الطرف الآخر، وهو ما ينعكس في انفتاح الطرف الآخر على شرح المشكلة بكل أبعادها لما يجده من إنصات لمشاعره وإحباطاته ومخاوفه.

التواصل

التواصل الواضح والفعال هو أحد أهم مهارات المستشار التربوي، إذ يعني ذلك قدرته على توصيل أفكاره بوضوح؛ أيًا كانت الطريقة التي يستخدمها في التواصل مع العميل مثل: الرسائل النصية أو المكالمات الصوتية أو المقابلات الشخصية.

الإقناع

يترتب على المهارات السابقة من استماع تعاطفي وتواصل واضح، قدرة المستشار التربوي على إقناع المربي بالحل الذي يقترحه عليه، قد يستلهم المستشار التربوي الحل من خبراته السابقة أو من حصيلته العلمية أو من مصادر التربية والتوجيه المختلفة؛ الدينية والاجتماعية. ومن هنا يستخدم عقليته المنطقية ومهارة التفكير الجيد في تفسير الأمر للمربي: لماذا ينبغي عليه الالتزام بالحل الذي يرشحه أو الاقتناع بالفكرة التي يطرحها.

الأمانة والموثوقية

يطلع المستشار التربوي على معلومات شخصية خاصة بالمربى والأبناء، بالإضافة إلى تفاصيل المشكلة المطلوب حلها، لذلك ينبغي أن يتحلى بحسٍ عالٍ من الأمانة يستحق بها ثقة المربي ويحافظ على سرية هذه المعلومات.

كيف توظف مستشار تربوي محترف عن بعد؟

أصبح من السهل الحصول على استشارة تربوية عبر الإنترنت من خلال الرسائل الصوتية وبرامج المحادثة بالفيديو مثل Zoom، مع ما يحمله ذلك من راحة ومرونة أكبر من الاستشارات الشخصية، فمثلًا لن تحتاج إلى التخطيط لكيفية رعاية الأبناء بينما أنت خارج المنزل.

كما يمكنك الحديث مع المستشار التربوي في الأوقات التي تناسبك؛ سواء أثناء النهار في وقت الراحة من العمل أو في المساء عندما ينام الأولاد، كذلك يمنحك الحصول على استشارة عبر الإنترنت الفرصة لتوظيف مستشار تربوي من أي بلد، بحيث تكون متأكدًا من أنه يفهمك ويتفهم ما تشعر به جيدًا، مع الحفاظ على خصوصيتك.

يمكنك العثور على مستشار تربوي عبر الإنترنت على منصة مستقل، أكبر منصة عربية للعمل الحر، إذ تحتوي على مجموعة واسعة من المتخصصين المحترفين للاختيار من بينهم، بما في ذلك المناسبين لاحتياجاتك الخاصة. تكون خطوات توظيف مستشار تربوي مناسب كما يلي:

1. حدد احتياجاتك

الخطوة الأولى في عملية توظيف مستشار تربوي هي تحديد الموضوع الذي تود أن تحصل على نصيحة المستشار فيه، ما هي المشكلة التي تعاني منها مع الأبناء أو التلاميذ، وفي أي نطاق تقع (تعديل سلوك، تطوير مهارات …إلخ)؟ سيساعدك ذلك بقوة أثناء البحث عن المستشار في الخطوات التالية، بحيث تختار المستشار التربوي الأكثر مناسبةً لاحتياجاتك.

2. أضف مشروعك على مستقل

بعد أن عرفت احتياجك بدقة، حان الآن وقت إضافة مشروعًا على مستقل، اكتب في وصف المشروع تفاصيل احتياجاتك من المستشار التربوي؛ بما في ذلك نوعية المشكلة أو التحدي الذي يواجهك، ثم حدد الميزانية التي تنوي تخصيصها للمشروع، والمدة الزمنية المتوقعة للتنفيذ.

احرص أيضًا على اختيار عنوان واضح ومختصر للمشروع، بحيث يتسن للمستشار فهم إذا كان المشروع يقع في نطاق تخصصه أم لا، مثلًا: استشارة تربوية حول تطوير مهارات الأبناء.

3. افحص العروض

فور نشر المشروع على منصة مستقل، يبدأ المستقلون المهتمون بالعمل عليه في تقديم عروضهم، لذلك بعد فترة من إضافة المشروع، افحص العروض المقدمة من المستشارين التربويين، اقرأ العروض بتمعن وتصفح الملف الشخصي للمستشارين التربويين الذي يثيرون اهتمامك، ملاحظًا ما يلي:

  • النبذة الشخصية التي يصف بها كلا منهم مؤهلاته ونطاق خبراته، إذ يأتي المستشارون التربويون من خلفيات تعليمية مختلفة؛ تتراوح بين التربية وعلم النفس، وتختلف تخصصاتهم أيضًا؛ فالبعض قد يكون متخصصًا في مشاكل المراهقة والبعض الآخر في صعوبات التعلم ..إلخ، وقد يشير المستقل في النبذة إلى منهجه وطريقته في تقديم الاستشارة.
  • التقييم الذي حصل عليه من العملاء السابقين ممن تعاملوا معه، وتعليقاتهم التي تركوها عن مجمل تجربتهم في الحصول على مساعدته، ذلك للتأكد من امتلاك المستشار سجل حافل بالنجاح.

4. تواصل مع المستشار التربوي المرشح

يمكنّك مستقل من مراسلة المستقلين بسهولة، لذلك راسل المستشار التربوي لتبلغه بطبيعة احتياجاتك من الاستشارة، وللتأكد من استعداده وقدرته على مساعدتك في حلها، بالإضافة إلى الاتفاق حول تفاصيل مثل: طريقة التواصل؛ سواء عبر الرسائل الصوتية على مستقل أو اجتماع فيديو على زووم مثلًا، والمدى الزمني المطلوب للحصول على الاستشارة ومدتها والميزانية.

5. ابدأ تنفيذ المشروع

فور الاتفاق على كل التفاصيل مع المستشار التربوي، سيقدم عرضه على مشروعك، متضمنًا الميزانية والمدة الزمنية للتنفيذ، وفور قبولك للعرض سيدخل المشروع حيز العمل، ويبدأ تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه.

توجد طريقة أخرى بخلاف استقبال العروض من مستقلين عديدين، هي البحث على مستقل عن مستشار تربوي، إذ ستظهر نتائج البحث مستقلين تربويين ذوي صلة، اختر منهم المستشار التربوي المناسب بعد فحص ملفه الشخصي جيدًا، ثم أضف مشروع خاص يتضمن التفاصيل المطلوبة، وبمجرد تقديم عرضه وموافقتك، يدخل المشروع حيز التنفيذ.

ختامًا، مهما بلغت صعوبة المشكلة التربوية التي تواجهها الآن مع أبناءك وتلاميذك، لا يزال حلها ممكنًا بمساعدة مستشار تربوي من أهل العلم والخبرة، فضلًا عن حرصك كمربي لبذل كل ما في وسعك لتنشئتهم على أفضل نحو، وتلبية نداء الفطرة بداخلك الذي يرجو لهم الصلاح والمنفعة.

تم النشر في: كيف توظف