في الوقت الراهن، أصبحت الشركات تُولِي الكثير من الاهتمام وتخصص معظم وقتها ومصادرها لتسريع نموها وزيادة أرباحها وخلق قنوات نمو مستدامة. إن مصطلح النمو السريع – رغم حداثته – فتح الأبواب أمام الكثير من روّاد الأعمال لتطوير استراتيجيات النمو المناسبة لأعمالهم والبحث عن التكنيكات والسبل الأفضل لتحقيق هذا النمو وضمان استمراريته.
إن إيجاد الاستراتيجية المناسبة لتحقيق النمو السريع يخضع للكثير من العوامل والمعايير التي على الشركات أن تبقيها نصب عينيها. لذا، سنتعرف في هذا المقال على أهم العوامل التي تضمن لك العثور على الاستراتيجية المناسبة وفقًا لطبيعة ومجال عمل شركتك، لضمان نموها على المستويين قصير وطويل الأمد.
التوقيت المناسب
هناك عدد من المراحل التي تمر بها الشركات حتى تحقق النجاح و الاستقرار، وعلى رؤساء الشركات أن يتقنوا فهم وتحليل دورة نمو المشروع قبل الشروع في البحث عن استراتيجية النمو السريع وبنائها. إن إدراك أهمية التوقيت يمنع الشركة من هدر مواردها ومصادرها دون ضمانات وكذلك يعكس عن ادارة حكيمة وواعية بما يكسبهم ثقة العاملين والشركاء والعملاء على حد سواء.
لأن استراتيجية النمو السريع هي مخطط طويل المدى يشمل مراحلًا من الخطط والتكتيكات على المستوى الزمني القصير، فإن ذلك يؤكد حقيقة أن التخطيط لتحقيق النمو السريع يجب أن يكون متوافقًا مع المخطط الزمني العام للشركة، دون الحاجة إلى إحداث قفزات سريعة ظناً أنها قد تجلب نموًا أسرع وربحًا أكبر.
رغم أن الشركات تبحث بالفعل عن استراتيجية النمو السريع، إلا أن المسمى قد يضفي شعورًا زائفًا بأن النمو يمكن أن يحدث في ليلة وضحاها. لكن الحقيقة تقول أن النمو السريع هو مخطط زمني طويل المدى، ببساطة لأن نموًا سريعًا وهميًا أسوأ بمراحل من نموٍ بطيء مبنيٍ على أسس صحيحة وخطط زمنية مدروسة.
تحليل السوق والصناعة
إن قدرتك على فهم مجال الصناعة التي تعمل به وتحليل السوق وعملائك المستهدفين، هي ضرورة لا غنى عنها قبل الشروع في البحث عن الاستراتيجية المناسبة لتحقيق النمو السريع لشركتك. حيث أن تلك القدرة سوف تنعكس على نوعية القرارات الصادرة وبالتالي ضمان الاستثمار والتخطيط للنمو في الاتجاه الصحيح باستخدام المصادر المناسبة.
يضاف إلى ذلك أن ضمان استمرارية النجاح يتطلب منك جهدًا مستمرًا في أن تبقى على اطلاع بمتغيرات السوق والصناعة، وأنها ليست مجرد إحدى الخطوات الروتينية التي تنفذها في مرحلة إطلاق المشروع. من ناحية أخرى، فإن تحليل السوق يمنحك بعدًا أعمق في فهم خدمات شركتك ومنتجاتها وعملائها وطبيعة المنافسة من حولها. وبالتبعية التقليل من نسب المخاطرة وضمان اختيار استراتيجية النمو السريع المناسبة.
من الجدير بالذكر أنه يجب عليك استغلال الأدوات المختلفة المختصة بتحليل ودراسة الأسواق مثل أداة تحليل السوات الرباعية SWOT التي تمكنك من تحديد نقاط القوة والضعف الخاصة بشركتك، إلى جانب الفرص والتحديات التي تواجهها. ومن ثم الاستفادة من مخرجاتها في بناء استراتيجية النمو السريع الأكثر ملاءمة.
المواءمة بين أهداف الشركة واستراتيجية النمو السريع
إن أحد أهم الأساسيات التي يجب على شركتك أن تعيها في سبيل تحقيق النمو السريع، هو العمل على مواءمة استراتيجية النمو السريع مع أهداف الشركة ورؤيتها، لأن التعارض بينهما قد يؤدي إلى تراجع مستمر أو فشل ذريع يقضي على الشركة. وعلى هذا فإن الخطوة الأولى هي ضرورة اختيارك لأهداف واضحة واقعية قابلة للقياس.
إلى جانب ضرورة فهمك لكيفية تحقيق هذه الأهداف بدايةً من أجل تجنب الوقوع في فخ الخلط بين مثالية الأهداف أو اختيار أهداف مثالية. ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من أخذ وقتًا كافيًا لتحديد هذه الأهداف، وفهم العوامل الداخلية والخارجية التي تسهم أو تمنع تحقيقها، فضلًا عن اختيار السبل والوسائل المناسبة لتحقيقها والوقوف على تغذية راجعة مستمرة بما يضمن فعالية الأهداف وتعديلها وكفاءة تحقيقها.
نرشّح لك: الريادة الرشيقة: كيف تطلق مشروعك بسرعة وبأقل تمويل؟
إن بذل الجهد والوقت الكافي في ذلك يمهد الطريق أمامك ويمنحك رؤية أوسع لاختيار استراتيجية النمو السريع المناسبة لشركتك. حيث تبدأ حينها باستعراض أنواع استراتيجيات النمو، ومن ثم تحليلها والبحث حول فرص نجاحها في تحقيق أهداف الشركة وزيادة أرباحها.
النمو السريع عملية تخطيط مستمرة
إن الشركات التي استطاعت تحقيق نمو مستمر اتفقت على أنه لم يكن مجرد مرحلة أو تخطيطًا مؤقتًا للعبور من أزمة أو الوصول إلى الاستقرار فحسب، بل أكدت أنه عملية مستمرة من التدقيق والتغذية الراجعة والتطوير. إن مفهوم استراتيجية النمو السريع قد يمنح الفرد الشعور بجمود وثبات الاستراتيجية ولكن في الحقيقة إن تحقيق النمو السريع لا يمكن إذا لم يكن هناك نموًا على مستوى الاستراتيجية المطبقة.
نقصد بذلك أن على الشركة أن تحافظ على حداثة استراتيجية النمو السريع التي اعتمدتها. وتعمل باستمرار على تنقيحها وتعديلها وفق نظام تغذية راجعة مستمر، لقياس كفاءتها في تحقيق النمو ومواءمتها مع أهداف الشركة ومتغيرات السوق، ونوعية خدماتها وعملائها وبيئة المنافسة. وبذلك فإن الشركة تضمن نموًا سريعًا ومرونةً داخلية في استراتيجياتها وخططها على الأمد الطويل.
إضافة إلى الاستعداد للتعامل باحترافية مع جميع المتغيرات التي تعصف بعالم الأعمال وقطاعات الصناعة باستمرار. بل ويضاف إلى ذلك أن أدوات تحقيق النمو السريع تخضع لتطوير مستمر وتحديث دائم فيصبح من الأخطاء البالغة أن تفقد الاستراتيجية مرونتها، لأنها لم تُعنى ببلورة رؤية الشركة ومواءمتها مع العصر الرقمي الحالي.
تجنب فخ الاستراتيجية المثالية
تقوم بيئة الأعمال على النشر المستمر للتجارب الناجحة والفاشلة، وإن نصيبًا كبيرًا تناله استراتيجيات النمو السريع من هذه التجارب. لذلك نجد أن الكثير من الشركات الناشئة يعتمد على تبني استراتيجية نمو سريع حققت أرباحًا ومبيعاتًا كبيرة لإحدى الشركات الكبرى، متناسيين أن نظرية “واحد يناسب الكل” لم ولن تكون صالحة تحت أي من المقاييس.
قد يهمك أيضًا: كيف تبني الهوية التجارية التي تعظّم من قيمة مشروعك؟
إن الشركات التي تبحث عن تحقيق النمو السريع قد يبدو من المنطقي أن تطرح الكثير من الأسئلة حول الاستراتيجية التي حققت نجاحًا في إحدى الشركات قبل تبنيها. فلا يمكن استنساخ النجاح أو خلقه في لحظة. الأسئلة قد تشمل ما يلي:
- ما هو مجال الصناعة التي تعمل به تلك الشركة؟
- ما هي طبيعة المنتجات والخدمات التي تقدمها؟
- من هم العملاء والشريحة المستهدفة لتلك الشركة؟
- ما هي القنوات والأدوات التي اعتمدتها لتنفيذ استراتيجيتها؟
- ما هي الخطة الزمنية التي تبنتها، وما هي الأهداف التي سعت إلى تحقيقها؟
ومن ثم يتم دراسة إجابات هذه الأسئلة ومدى تقاطعها مع أهداف الشركة ورؤيتها. على الشركات أيضًا أن تدرك حجم الضغط الواقع عليها حين يتم الترويج للكثير من استراتيجيات النمو الناجحة، والأكثر أهمية من ذلك هو أن على الشركة أن تدرك أن نجاح أو فشل استراتيجية النمو السريع المطبقة في إحدى الشركات يقدم دروسًا مجانية يجب أخذ ما يصلح منها، وتجنب ما لا يلائم سياسة ورؤية وأهداف شركتك.
تحقيق النمو السريع يحتاج إلى الصبر
رغبة الشركات في تحقيق النمو السريع والنجاح الساحق يفقدها أهم عوامل النجاح في عالم الأعمال وهو الصبر والتأني. حين يُذكر الصبر فإن المقصود به قد يشمل عددًا من المستويات والإجراءات التي يلزم اتباعها لتحقيق النمو السريع. على سبيل المثال، عملية التخطيط بحد ذاتها لاختيار استراتيجية النمو السريع تستلزم الكثير من البحث والاستشارة والتفاوض ودراسة موارد ومصادر الشركة.
ليس هذا فحسب بل إن وضع استراتيجية النمو السريع في حيز التنفيذ يؤكد ما نقصده بضرورة الصبر، لأن الاستراتيجية ستشمل عددًا من المراحل والتكنيكات التي تنفذ وفق جدول زمني قابل للدراسة والتعديل وفق ما يتطلب. من الجدير بالذكر أن الدعوة إلى الصبر والتأني لا تعني البطء على الإطلاق لأن البطء يقتل الوقت، وإن أثمن المصادر التي تملكها الشركة هي الوقت ولكن الصبر يعني الاستثمار الصحيح لهذا الوقت وليس إهداره.
من ناحية أخرى، فإن الكثير من الشركات ترسم خططًا خيالية تفتقد البعد الواقعي في تنفيذها، ما يؤدي إلى رفع سقف التوقعات وتوهم تحقيق النمو السريع في طرفة عين. ومن ثم حين يبدأ تنفيذ استراتيجية النمو تنهال الحقائق واحدة وراء الأخرى على الشركة، متسببة في تراجع معنوي ونفسي كبير لدى فريق العمل، وربما التعرض للخسارة بدلا من تحقيق الأرباح.
ختامًا.. إن المتمرسين في عالم الأعمال يؤكدون على ضرورة تجنب الإفراط في التوقعات واستعجال النتائج. لذا، يمكنك توفير طاقتك والاعتماد على موقع مستقل لتوظيف أفضل الكفاءات فى عالم الأعمال ليقومون بالتخطيط السليم والمدروس لتحقيق النمو لشركتك وأعمالك.
تم النشر في: يونيو 2020
تحت تصنيف: ريادة أعمال | نصائح ريادية