أصبحت منطقة الشرق الأوسط تعاني مؤخرًا من العديد من الأزمات المالية والاقتصادية، فمن المتوقع أن يصل العجز المالي للمملكة العربية السعودية إلى 50 مليار دولار أمريكي خلال العام الجاري 2020، بزيادة تُقدّر بنحو 15 مليار دولار عن العام الماضي 2019. في حين سيرتفع العجز المالي بالكويت خلال 2020 إلى 30.4 مليار دولار، مقارنة بـ 27 مليار دولار عام 2019. بينما بلغ العجز المالي لسلطنة عُمان خلال النصف الأول من العام الماضي 2019 نحو 1.07 مليار دولار أمريكي.

السبب الرئيسي وراء هذه الأزمات هو الانخفاض الكبير الذي أصبحت تشهده أسعار النفط في المنطقة، التي انخفضت من 59 دولارًا أمريكيًا للبرميل الواحد في الربع الأول من العام الماضي 2019، لتصل إلى أقل من 28 دولارًا فقط في الربع الأول من العام الجاري 2020. ينذر هذا الانخفاض بالكثير من النتائج السلبية إذا كان حدوثه بهذه القوة بين عام واحد فقط.

The seal of the International Monetary Fund is seen at the headquarters building in Washington, DC on July 5, 2015. The euro was dropping against the dollar after early results of the Greece bailout referendum suggested the country rejected fresh austerity demands from EU-IMF creditors. AFP PHOTO/MANDEL NGAN (Photo credit should read MANDEL NGAN/AFP/Getty Images)

لكن، ما هي الحلول المتخّذة؟

بالطّبع لم تقف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكتوفة الأيدي، فقد حاولت القيام بالعديد من الإجراءات بهدف تخفيض تأثيرات أسعار النفط المنخفضة على العديد من مجالاتها الاقتصادية الحيوية.

قررت هذه الدّول مراجعة طريقتها واستراتيجياتها المستعملة في الإنفاق لكي لا تلجأ للقروض من البنوك الدولية وجعل الأوضاع تتفاقم أكثر في المستقبل، يتضمّن ترشيد الإنفاق وضع آليات جديدة للتخفيف من استهلاك الوقود والكهرباء والمياه في هذه الدول. وطبعًا ستلاحظ العديد من الدول تأثيرًا سلبيًا لهذا الترشيد على المدى المتوسط لأنها كانت في السابق معتادة على ضخّ أموال كثيرة في الأسواق، والإستثمار في الكثير من المجالات دون حدود، وهذا ما سيؤدي لتباطؤ في نمو العديد من المجالات مثل الصحة والتعليم على وجه الخصوص.

كما قررت دول الخليج أيضًا رفع الدعم عن الكثير من القطاعات الحكومية، وبالتالي تحاول إرجاع الثقة للقطاع الخاص لأنها ترى فيه مستقبل حلّ جزء كبير من الأزمة الرّاهنة، وهذا ليس بالأمر السهل على الإطلاق.

يتم أيضًا التفكير في إعادة تنصيب قواعد وآليات جديدة فيما يخصّ الحصول على قروض من البنوك لأهداف متعلقة بالتداول أو العقارات.

اقرأ أيضًا: كيف يستعد المستقلون للتقلبات الاقتصادية العالمية القادمة

ما هو مستقبل الأزمة على المواطن بشكل خاص؟

إن أكبر من بإمكانه الشعور بآثار الأزمة الفعلية هو المواطن. نسبة بطالة الشباب في منطقة الشرق الأوسط تتراوح بين 25 – 30% ، أسوأ بكثير من الأعوام التي سبق سنة 2012. حتى إن البنك الدولي ذهب للقول بأن منطقة الشرق الأوسط ستحتاج خلق قرابة 100 مليون فرصة عمل لاحتواء نسبة المواليد الجديدة في أفق سنة 2020. فهل ستستطيع دول الخليج خلق هذه الفرص في ظل الأزمة الراهنة؟

ليس هذا فقط، بل حتى الأفراد الذين يعملون مسبقًا في شركات متواجدة في الأسواق سيجدون أنفسهم مرغمين على قبول قرارات تسريحهم لسبب وجيه وهو أن الشركات لم تعد قادرة على الإنفاق كما في مرحلة ما قبل الأزمة، ناهيك عن تخفيض أجور نسبة الموظفين المحظوظين الذين سيستطيعون الإبقاء على وظائفهم لزمن طويل.

التوظيف عن بعد: الحل الحقيقي لأزمة الشركات

remote-working

ربما لا يعطي العالم العربي للتوظيف عن بعد حقّه الكامل في التعريف به واعتماده، ولكن ما يجب معرفته أن هذا القطاع يسهم في رفع معدّلات النمو الاقتصادي في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل يفوق الوصف. يكفي الاطلاع على أهم الاحصائيات التي تخص العمل الحر أو التوظيف عن بعد في أمريكا مثلًا، لفهم حجم هذا المجال الضخم الذي لا يستفيد منه العالم العربي كما ينبغي.

إن الحل للعديد من أزمات التوظيف في الشرق الأوسط يكمن حاليًا في التوظيف عن بعد. لكن لماذا؟

أولًا، التوظيف عن بعد مختلف تمامًا عن التوظيف بشكل تقليدي داخل المؤسسات، ولا يمكن أبدًا مقارنة التكاليف المرتبطة بالنّشاطين لأن الأول لا يحتاج أصلًا تكاليف جانبية من قبيل تكوين الموظفين ونقلهم وما إلى ذلك. في التوظيف عن بعد تختار الشركات العاملين الأكثر كفاءة عن طريق عدد كبير من المؤشرات منها تاريخ أعمالهم السابقة على سبيل المثال، وبالتالي لا تحتاج أبدًا نفقات التدريب والتأهيل وبرامج التطوير في مجال تخصصهم، ولا تحتاج التفكير في نقلهم ولا أية مصاريف صحّية أو اجتماعية أخرى. يمكننا القيام بالعديد من العمليات الحسابية البسيطة لفهم واقع الأمر، وهي عمليات يمكن لجميع الشركات القيام بها كنوع من دراسة جدوى لهذا الحل، والنتائج ستكون مبهرة بدون شك.

هذا كان من جانب الشركات. الجيد في الأمر أن هذا الحل يخدم الموظف أيضًا، لأن من يملك خبرة عدة سنوات في العمل وتمّ تسريحه بسبب الأزمة، سيجد بالتأكيد العديد من الفرص للعمل عليها عن بعد وهكذا يستفيد من خبراته ويتجاوز الأزمة بشكل ناجح.

لا يمكن التفكير حاليًا في حل أفضل من هذا للشركات والأفراد على حد سواء. وما يمكننا التأكيد عليه من جديد هو أن مستقبل التوظيف عن بعد سيتغير كليًا في المنطقة في ظل الأحداث والأزمات الراهنة، وسيكون التوظيف عن بعد هو البديل الأكثر نجاعة عوضًا عن التوظيف التقليدي في الشرق الأوسط إذا ما اعتُمد بالشكل الكاف من طرف أبرز الشركات التي تخشى الوقوع تحت تأثير الأزمة لزمن طويل. يجب الإطلاع على تجارب العالم الغربي حيال هذا الأمر لفهم انعكاساته المتوقعة.

فعلًا، للتوظيف عن بعد مستقبل مبهر في المنطقة ولكن الأرقام حتى الآن لا تزال خجولة ومتواضعة أمام الأرقام العالمية، ويمكن أن تكون البداية باعتماده ولو بشكل جزئي لإنجاز بعض المشاريع الفرعية وقياس مستوى تقليل التكاليف والقدرة على استقطاب الخبرات والمهارات.

تم النشر في: أكتوبر 2016
تحت تصنيف: العمل الحر | نصائح للمستقلين