في عام 2017 تعرضت شركة الطيران United إلى أزمة كلفتها مئات الملايين من الدولارات، حيث بدأت القصة بانتشار مقطع على مواقع التواصل الاجتماعي لموظفي الشركة وهم يعاملون أحد الركاب بطريقة قاسية، لإجباره على التخلي عن مقعده لأحد موظفي الشركة.
أساء المدير التنفيذي إدارة الأزمة إذ دافع عما فعله طاقم العمل وأكد أنه لن يستقبل هؤلاء الركاب مجددًا، وخسرت الشركة 800 مليون دولار في غضون 24 ساعة. يمكنك تجنب الخسارة الكبيرة التي قد تسببها الأزمات عبر إعداد خُطَّة مُحكمة لإدارة الأزمات. فما هي إدارة الأزمات، وما أهميتها؟ وكيف تضع خطة لإدارة الأزمات؟
جدول المحتويات:
ما هي إدارة الأزمات Crisis Management؟
تعد الأزمات في العمل هي حالات طارئة بإمكانها الإضرار بنجاح شركتك وسمعتها في السوق أو التأثير على الدخل المادي للشركة، إذ تحدث الأزمات لأسبابٍ من داخل الشركة أو خارجها، ويأتي دور إدارة الأزمات هنا في الحد من الخسائر التي تحدث في حالات الطوارئ غير المتوقعة؛ بوضع منهج وخطة مُسبقة مُلائمة لإدارة الطوارئ والاستمرار في العمل والإنتاج.
ما الفرق بين إدارة الأزمات وإدارة المخاطر؟
من المهم الانتباه إلى أنَّ إدارة الأزمات Crisis Management وإدارة المخاطر Risk Management ليستا نفس المصطلح، فإدارة المخاطر هي التخطيط لطرق من شأنها التقليل من مخاطر الأزمات المستقبلية، أما إدارة الأزمات فهي الاستجابة للأزمة بأفضل الطرق الممكنة والتعامل مع الأزمة في أثناء وبعد حدوثها، والعمل على حل والتأقلم مع ظروف الأزمات الجديدة. يمكننا القول أنَّ إدارة المخاطر جزءٌ لا يتجزأ من إدارة الأزمات.
ما هو تأمين إدارة الأزمات؟
تأمين إدارة الأزمات هي اتفاقية تأمينية تساعد الأعمال التجارية على الحد من التأثير السلبي للأزمات والأحداث على سمعة الشركة. تكفل هذه الاتفاقية تأمين أزمات محددة مثل: خرق البيانات والأمن السيبراني وتشويه السمعة والقرصنة وحوادث العمل والكوارث الطبيعية. إذ تبرز أهمية تأمين إدارة الأزمات مع انتشار استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ما أصبح ضروريًا لكل علامة تجارية أنْ تبني صورتها الرقمية.
أنواع الأزمات
تختلف طبيعة الضرر المتوقع حسب طبيعة الأزمة ومجال عمل شركتك؛ ممكن أنْ تكون الأزمات صحية أو مالية. عند الحديث عن أنواع الأزمات فيمكننا تقسيمها إلى قسمين:
أولًا: الأزمات الداخلية
الأزمات الداخلية تكون من داخل بيئة العمل، مثلًا: يمكن أنْ تُسبب أزمة تنزيل موظف لبرامج مشبوهة على أجهزة الشركة أو إطلاق إشاعات ضارة التأثير على عَلاقة الموظفين بعضُهم ببعض وتزعزع ثقتهم بالشركة. يمكنك تجنب حدوث مثل هذه الحوادث في شركتك بإلزام جميع موظفيك الامتثال بسياسات وقوانين ولوائح الشركة. يمكن تقسيم أنواع الأزمات التي تحدث داخل الشركة كالآتي:
- الأزمات المالية: من أمثلة الأزمات الاقتصادية، انخفاض الطلب على الخدمَات أو المنتجات، ما يؤدي إلى اختلال الموقف المادي للشركة.
- أزمات فريق العمل: كتصرف بعض الموظفين تصرفات غير أخلاقية أو قانونية، ما يؤثر على سمعة الشركة بسبب ارتباطهم بها.
- الأزمات التنظيمية: تنشأ الأزمات التنظيمية عند سوء التعامل مع العملاء واستغلالهم.
- الأزمات التكنولوجية: تُسبب المشاكل التقنية مثل: (تعطل الخوادم والأجهزة) خسائر كبيرة في إيرادات الشركة وخسارة ثقة العملاء أيضًا.
ثانيًا: الأزمات الخارجية
الأزمات الخارجية هي الأزمات التي تكون خارج سيطرة الأفراد، مثل: الكوارث الطبيعية، كانتشار الأوبئة والأمراض والفيضانات والحرائق والأعاصير والزلازل التي يمكنها تدمير مقر الشركة والتسبب بخسائر مادية فادحة، بالإضافة إلى النزاعات السياسية والحروب.
كيف نتعامل مع الأزمات؟
تهدف إدارة الأزمات إلى الحد والتقليل من الضرر المتوقع من الأزمة، وهذا لا يعني أن تُنفذ خطة التعامل مع الأزمات فقط عند حدوثها، بل عليك البَدْء بتنفيذها حتى قبل بَدْء الأزمة وأثنائها وبعدها.
يتضمن فن إدارة الأزمات ما هو أكبر من معرفة كيفية التصرف في أثناء وقت الأزمة فقط، هو الوقت الأكثر أهمية لا شك، ولكن هناك أكثر من مرحلة واحدة مهمة لتتمكن وفريقك من تجاوز الأزمة، وهي: مرحلة ما قبل الأزمة ومرحلة الاستجابة للأزمة ومرحلة ما بعد الأزمة.
أولًا: ما قبل الأزمة
عليك في مرحلة ما قبل الأزمة الاستعانة بتحليل المخاطر والتخطيط للأزمات، بذلك يمكنك التنبؤ بالأزمات وإدارتها للخروج منها بأقل الأضرار.
1. تحليل المخاطر والتخطيط للأزمات
تحليل المخاطر Risk Analysis أيْ التنبؤ بالأحداث السلبية وتقدير احتمالية حدوثها، ثم وضع خطة للتأقلم مع هذه المتغيرات الطارئة. بعد معرفة الأزمة المتوقع حدوثها، يُحدد فريق إدارة الأزمات الإجراءات المناسبة لاستدراك الأزمة حال حدوثها، وبواسطة هذه الإجراءات الاحترازية تتكيف الشركة ولن يتوقف الإنتاج.
مشاركة الجهات المعنية في التخطيط للأزمات Crisis Planning هو جوهر النجاة، حيث يتكون فريق الأزمات في الشركات من أشخاص من مُختلف المجالات: (الموارد البشرية والمالية) يعني ذلك أنّه عليك الاهتمام بتوظيف فريق إدارة أزمات متخصص وتدريبهم جيدًا.
2. الاستجابة للأزمات وإدارتها
هذه مرحلة وضع خططك قيد التنفيذ. حيث عليك كمدير شركة تولي دفة القيادة عند حدوث الأزمة وتوجيه خطة الاستجابة للأزمات وفقًا لخطة إدارة الأزمات الموضوعة، ولا ننسى الأخذ بعين الاعتبار التواصل والتوضيح للجمهور، لتوضيح ما هي الأزمة التي تمر بها شركتك وإصدار بيان حسب الحاجة. يُفضّل مراعاة وضع الأولوية في هذه المرحلة لسلامة موظفيك والنجاة بالشركة.
ثانيًا: ما بعد الأزمة Post-crisis
لا ينتهي التعامل مع الأزمات عند انتهاء الأزمة، يجب أنْ يكون هناك تعامل خاص عند بَدْء العودة للعمل مجددًا، على فريق الأزمات عدم التوقف عن عملهم ووضع خطة لسير العمل بعد الأزمة.
كما يجب إجراء اجتماعات مع فريق العمل والمدراء ليبقوا على اطلاع بكل جديد. كذلك على فريق إدارة الأزمات تقييم خطة الأزمات المُنفذة وقياس مدى كفائتها ونجاحها، وتفادي الأخطاء السابقة والمراجعة والتعديل حسب الحاجة وفقًا للظروف المحيطة.
5 خطوات لبناء خطة إدارة أزمات
يعتقد الكثيرون أن مهمة كتابة خطة إدارة أزمات أمرٌ معقد، إنْ كنت منهم إليك هذه الخطوات الأساسية لإنشاء خطة إدارة الأزمات في شركتك، اتبع هذه الخطوات للحصول على أفضل خطة إدارة أزمات:
1. تنبّأ بالأزمات التي قد تواجهها
لا تظهر الأزمة من العدم فجأة، يجب أنْ يأتي قبلها تحذيرات عدّة، يمكنك ملاحظة هذه التحذيرات فقط إنْ كان في شركتك نظام مراقبة جيد، وإدارة رشيدة يقظة. على سبيل المثال، استخدام التصوير الحراري لتوقع حدوث حرائق، حيث يُظهر هذا التصوير أماكن تجمع الحرارة قبل اندلاع الحرائق. هذا فيما يخص مجال البيئة.
وهنا بعض الأمثلة على الأزمات والتهديدات المُحتملة الأخرى الذي ينبغي التنبؤ بها:
- أعطال في الأدوات والأجهزة والأنظمة.
- تعطيل طرق النقل وتوقف وصول البضائع.
- الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.
- عطل تكنولوجي في المُعِدَّات والخوادم والبيانات.
- خطأ في العلاقات العامة، خصوصًا إذا كانت علاقات رفيعة المستوى.
- سوء الأحوال الجوية.
- انتشار الأوبئة والأمراض.
2. حدد تأثير الأزمة على أعمالك
عليك إدراك مدى تأثير الكوارث التي قد تواجهها في شركتك على إيراداتك وموظفيك وعملائك. يساعدك تحليل تأثير الأعمال BIA- Business Impact Analysis في تنبؤ وتحليل مدى تأثير الأزمة المُحتمل، كذلك جمع المعلومات اللازمة لتطوير استراتيجيات الاسترداد، وهي خطوة أساسية لمعرفة التهديدات التي تواجه شركتك، إذ بإمكانك عبر تحليل تأثير الأعمال معرفة:
- مدى رضا العملاء عن الخِدْمَات المُقدمة.
- الغرامات التنظيمية، وهي الغرامات والضرائب التي تفرضها الحكومات.
- زيادة النفقات.
- مشكلات العائد والدخل المتأخر.
- تلف البضائع.
- انخفاض حاد في مستوى المبيعات.
- تراجع أداء الموظفين والتقصير في مواكبة كل جديد.
بعد إجراء هذا التحليل، يمكنك معرفة ما العمليات التجارية الضرورية والإجراءات الهامة لاستمرار الإنتاجية في الشركة.
3. ضع خطتك وحدد حالات الطوارئ
الآن مرحلة العمل على وضع حلول وخطط ما بعد وضوح طبيعة المخاطر أمامك، على جميع موظفي الشركة التعاون والمساهمة كلٌ حسب تخصصه وموقعه في المساعدة لتجاوز الأزمة. وينبغي على رؤساء الأقسام تقديم دراسات عن طبيعة المخاطر والموارد المُحتملة ودراسة حالة السوق والمنافسين.
بمجرد تحديدك للمخاطر الذي قد تواجهك، عليك الآن تحديد الإجراءات اللازمة لحل كل أنواع الأزمات والاستعداد بالإمكانات والمواد المطلوبة. بناءً على المعطيات السابقة، يمكنك الآن وضع خطط تفصيلية تُناسب كل موقف وتساعدك معرفة الإجابة على الأسئلة التالية في تطوير خطتك في إدارة الأزمات:
- ما السبب الرئيس للأزمة؟
- ما الوقت المُستغرق لتخطي الأزمة؟
- ما الأدوات والموارد اللازمة؟
- من الأشخاص الذين تحتجهم لمساعدتك في تجاوز الأزمة؟
- هل أنت بحاجة للتواصل مباشرةً مع العملاء؟
- كيف يُمكنك تجنب تفاقم الأزمة وتكرارها؟
4. وزّع الأدوار
لا شك أنْ مرحلة الأزمات تبث في نفوس الموظفين الذعر والتوتر، لذلك من الضروري معرفة كل شخص في الشركة دوره المُتوقع منه ومسؤولياته في هذه المرحلة الصعبة، وذلك عن طريق تسهيل وصول جميع الموظفين للمعلومات اللازمة فورًا.
فكر في جميع الخبرات المتوفرة لديك في الشركة وكيف يمكنك الاستفادة منها، يمكنك أيضًا الاستعانة بالخبرات الخارجية كتوظيف استشاريين أعمال ومحامين عبر منصة مستقل، أكبر منصة عربية للعمل الحر، لمساعدتك على تجاوز الأزمة. كما عليك تدريب فريق الأزمات باستمرار عن طريق الورش التدريبية مع الخبراء.
5. جدد خطتك بين الفينة والأخرى
عليك تحديث خطة الاستجابة للأزمات سنويًا على الأقل تماشيًا مع تطور الشركة ونموها وزيادة أو تغيير الموظفين. حلل نتائج إدارة الشركة وخطط إدارة الأزمات عند انتهاء الأزمة لقياس مدى فاعليتها وتحسبها لتحقيق أفضل النتائج المُمكنة.
تمر جميع الشركات والمنشآت بأزماتٍ وكوارث على اختلاف أشكالها، لكن الذي يجعل الشركة تمر من هذه الأزمة بسلام يكمن في الإدارة الصحيحة للأزمات، التي تضمن الاستجابة السريعة للكوارث غير المُتوقعة. بإمكانك اللجوء إلى إدارة البيانات الرقمية كخطوة احتياطية لحماية بيانات أعمالك.
تم النشر في: نوفمبر 2021
تحت تصنيف: ريادة أعمال | تطوير المهارات