التركيز في العمل

الحفاظ على نفس الوتيرة في العمل هو من الأمور الصعبة إن لم تكن من الأمور المستحيلة، فلا يمكنك أن تتخيل رياضي لديه نفس المستوى في جميع المناسبات ومن الطبيعي أن يشهد مستواه تغييرات بين ارتفاع وهبوط. فلا تتوقع أن يكون لديك نفس الحماس بشكل يومي، أو أن تعمل بنفس التركيز والوتيرة طوال الأسبوع. لكن إلى جانب جميع المهارات والمسؤوليات المطلوبة منك، يجب أن تتمتع بمهارة ضبط النفس التي هي مفتاحك لتحافظ على المستوى الذي تصبو إليه وتحقيق التركيز في العمل لإنجاز مهامك.

فالدراسات تشير أن 90% من الأشخاص الذين يحافظون على مستوى ثابت في مهارة مُعينة ويتفوقون في مجال عملهم يتمتعون بقدرة عالية على ضبط النفس والتركيز، وهؤلاء الأشخاص يتمتعون بمجموعة خصال سمحت لهم بامتلاك هذه المهارة. وهذه المهارات هي مفتاحك كمُستقل أو رائد أعمال لتكون جاهزًا في أي وقت لتُقبل على العمل وتكون على أتم استعداد. فما هي أهم النصائح التي ستساعدك على التركيز في العمل؟

1. سامح نفسك

بشكل عام، مواجهة المصاعب تكون محفوفة بشعور الإخفاق، لذا انسى هذا الشعور حتى لو كانت النتيجة كذلك، وركّز على الهدف الأخير الذي تريد الوصول إليه. الفشل هو بداية النجاح، مقولة دائمًا نسمعها، لكن تكرار الفشل لا يعني أنك على الطريق الصحيح إلا في حالة النظر إلى مُسببات الفشل والتعلم منها، مع التخلص بشكل كامل من الشعور بالضعف الذي ينتج.

الوقوف من جديد بعد الفشل يعني أنك تمتلك إرادة جيّدة وقوية، والأهم من هذا كله تحليل التجربة والتعلّم منها دون أن تسمح لمشاعر الحزن بالسيطرة عليك. في هذه الحالة تكون قادر وبنسبة كبيرة على مُسامحة نفسك، لأن اللوم في النهاية لن يصنع المُعجزات، وستتمكن من التركيز على المهام القادمة.

2. قل لا ولا تخجل

كلما وافقت على مهام ليست مطلوبة منك ولا ترغب القيام بها، كلما كانت النتيجة سيئة، في ضغط عمل زائد تسبب عدم التركيز بالإضافة إلى اكتئاب في بعض الحالات. تعلّم أن تقول لا للأشياء التي لا تريدها، ولا تجامل على حساب نفسك، فالصدق مع النفس هو مفتاحك لتكون مستقل ناجح. يمكنك قراءة كتاب The Power of a Positive No فهو يأخذك برحلة شيّقة وتتعلم منه طريقة قول لا بأسلوب لن يؤذي الطرف الآخر.

تذكّر دائمًا أن قول كلمة لا في وقتها المُناسب هو جزء من التحكم بالنفس ويساعدك على التركيز على المهام الحالية التي يجب عليك إنهاؤها، وهو مفتاحك للمستقبل لكي تكون إنسان يتمتع بقوة إرادة وتحكم بمصيرك.

3. لا تبحث عن الكمال

الكمال هو شيء لا يمكن لأي مخلوق أن يصل إليه، لذا لا تجعله هدفك. يمكنك السعي باتجاه الكمال لكن مع زرع فكرة أنك لن تصل إليه أبدًا. الإنسان بطبيعته يفشل، والحياة لا يمكن أن تمشي على خط مستقيم. لذا اقتنع بهذا المبدأ، وانسى الكمال والأشياء الخارقة التي لا وجود لها إلا في الخيال. وهذا حتى تتمكن على التنفيذ عوضًا عن التدقيق على كل مهمة.

4. ركّز على الحلول

حتى تستطيع التركيز في العمل ركّز على الحلول

العاطفة والمشاعر تتبع العقل دائمًا، فطريقة التفكير هي التي ستحول مجرى الحياة، إذا كان تفكيرك منحصر على الفشل ستفشل حتمًا. وإن أخذته باتجاه النجاح، ستجد أن النجاح يأتي إليك بعد السعي واتباع الخطوات اللازمة. لذا، لا تركّز على المشكلة، افهمها أولًا ثم انقل تركيزك بالكامل إلى حلول هذه المشكلة وكيف يمكن أن تتخطاها، لا تضع وقتك بالنظر إليها على أنها مشكلة وعقبة جديدة في حياتك.

ابحث عن قصص الناجحين في مجال عملك وفي الحياة عمومًا، اقرأها من البداية حتى النهاية، ستلاحظ حتمًا أنهم واجهوا مشاكل مُعيّنة وسيذكر الكاتب ذلك في فقرة واحدة، لكن التركيز على الحلول ومُحاولة البحث عنها سيمتد على أكثر من فقرة. وهكذا يجب أن تكون في تعاملك مع المشاكل والعقبات التي تواجهك في العمل حتى تتمكن من التركيز وإنجاز ما عليك.

5. توقف عن إحصاء جميع الاحتمالات

أن تسأل نفسك “ماذا لو” وتطيل البحث عن الإجابة الشافية يعني حتمًا أنك في طريقك إلى الفشل، لذا تجنّب هذا السؤال. التفكير بالإجابة سيفتح أمامك الكثير من الأبواب، ولن تعرف أي باب يجب أن تطرق، لذا حاول أن لا تبحث عن إجابة لكل شيء. فالتفكير المنطقي والدراسة الاستراتيجية الصحيحة شيء مطلوب ولا يجب أن تستغني عنه، لكن كلمة منطق تعني أن لا تحمّل الأشياء قيمة لا تستحقها. لذا احرص على التركيز في العمل دائمًا فهو سيزيد من الإنتاجية حتمًا، وابتعد كل البعد عن الدراسات النظرية التي ستضيع وقتك.

6. كن إيجابيًا

التفكير الإيجابي هو أحسن تمرين يمكن أن تتبعه لتحسين قدرتك على التحكم بذاتك، فالتفكير بالمكافآت التي ستحصل عليها من جرّاءِ الجهد الذي تبذله يدفع عقلك للتركيز بشكل أكبر في العمل وإنجاز المهام. فعندما تكون في مزاج جيّد والأمور تمشي كما ترغب فإن التحكم بذاتك يكون سهل جدًا، لكن عندما تبدأ الأمور بالتخبط يصبح الوضع أصعب، في هذه اللحظة حاول التفكير بأشياء إيجابية.

تذكّر أي شيء إيجابي حصل معك في نفس اليوم وحاول التركيز عليه، وإن كان يومك يخلو من الأشياء التي تدعو للتفاؤل، تذكّر شيء من الماضي واجعله جسرًا لتتجاوز الحاضر للوصول إلى المستقبل الذي ترغب به. باختصار، لا تضيّع وقتك في السلبية والهروب من العمل.

قد يُهمك أيضًا: كيف تغادر منطقة الراحة الخاصة بك؟

7. راقب نوعية طعامك

العقل بحاجة إلى الغذاء بشكل مُستمر، لذا لا تتوقع منه أن يعمل دون وجود طاقة كافية، فالتفكير لفترات طويلة سيشعرك بالجوع حتمًا. ولكن راقب نوع الطعام الذي تأكله، لا تتناول الأطعمة التي تُهضم بسرعة كبيرة أو التي تحتوي على كمية مرتفعة من السكريات لأنها ستؤدي حتمًا إلى فقدان التركيز والشعور بالارتخاء، الأمر الذي سيؤثر على إنتاجيتك في العمل.

ركز على الأطعمة التي تحتاج إلى وقت طويل حتى تُهضم بشكل كامل، لأنها تُعطيك شعور بالشبع أولًا وتبقي دماغك بنشاط دائمًا جراء استقباله للمكونات الغذائية الموجودة فيها، الأمر الذي سيسهم بشكل فعّال في زيادة التركيز في العمل. بالإضافة إلى التقليل من الكافيين، فتناول القهوة والشاي بشكل دائم من أجل التركيز في العمل قد يأتي بنتائج عكسية تمامًا لما تظنه، فقد يزيد من حالات القلق والارتباك لديك، ما يضعف تركيزك. 

8. النوم

من الأمور المهمة للحفاظ على التركيز في العمل هي الموازنة بين العمل وفترات الراحة والنوم، فهي عناصر أساسية للحفاظ على تركيزك. قد تشعر في بعض الأحيان بالرغبة بالعمل لفترة أطول حتى لو كان هذا الشعور بعد 12 ساعة متواصلة من العمل، طاوع نفسك لفترة قصيرة، ثم اخلد إلى النوم.

العقل والجسم بحاجة للراحة بشكل مُستمر، حيث يعتقد البعض أن السهر والعمل بشكل متواصل شيء ضروري ويمنح الشعور بالإنتاجية القصوى، لكن هذا الإجهاد سيظهر لاحقًا وسيؤثر بنسبة كبيرة على بقية أيام الأسبوع. لذا حافظ على وتيرة معينة وساعات نوم محددة والتزم بهم، فراحة العقل لن تأتي إلا من خلال النوم الجيّد، وهذا بدوره يكفل لك تركيزًا طويل الأمد ويبعد الإحباط والضغط النفسي.

9. مارس الرياضة

تقول الدراسات أن ممارسة الرياضة لمدة 10 دقائق على الأقل يوميًا يؤدي إلى تحرير مواد في الناقلات العصبية للإنسان تساعد العقل على التفكير بسلاسة وتمنع الشعور بالاكتئاب. لذا احرص على أن تكون دائم الحركة حتى لو كنت داخل المنزل، تحرك باستمرار ولا تأخذ فترات الراحة وأنت جالس أمام حاسوبك تتصفح الشبكات الاجتماعية.

10. اقضِ على النقاشات السلبية

تنشأ داخل العقل مجموعة كبيرة من النقاشات، بعضها يكون مُحفزًا للغاية وينتهى بشعور جيد، وبعضها الآخر مجرد حوار سلبي لا فائدة منه سوى ضغط نفسي وتدمير للقدرة على التحكم بالذات. تعد هذه الخطوة مهمة جدًا للحفاظ على التركيز في العمل، فكلما أخذت وقتًا أطول في هذه النقاشات، كلما كان لها تأثيرًا سلبيًا أكبر. عندما تبدأ هذه الأفكار الباطنية بالقدوم إليك، أترك كل شيء وابدأ بتدوينها، فهذه شحنات سالبة لا داع للتهرّب منها، بل احرص على تفريغها باستمرار.

من الطبيعي أن يكون التحكم بالنفس متأرجح، لكن الأهم أن يكون هناك موازنة، فمفتاح المهارات السابقة يبدأ بإمكانية التحكم بالنفس بمستوى عال للتحكم على تركيزك في العمل. وكن على يقين دائم أن ضبط النفس لا يمكن لأحد أن يتقنه باستمرار، لكن عند الشعور بالضعف تجاه التحكم بالنفس تذكّر هذه المهارات وحاول العمل بها وادفع نفسك خارج حلقة الذعر والإحباط.

في الختام، هذه نصائح ستساعد في زيادة التركيز والتعمق في العمل، ما سيضاعف إنتاجيّتك وتحقيق أهدافك وستصبح قادرًا على ضبط نفسك وتسييرها بالطريقة التي ترغب بها للوصول إلى المكانة التي تطمح لها. هل لديك نصائح أخرى تتبعها لتستعيد تركيزك والتحكم بنفسك؟

تم النشر في: مارس 2015
تحت تصنيف: العمل الحر | تطوير المهارات