يحفز المناخ التنظيمي الجيد في مكان العمل الموظفين لتقديم أفضل ما لديهم، ويمنح المؤسسة سمعة ممتازة تجذب إليها أفضل الكفاءات. إذ تؤثر خصائص المناخ التنظيمي تأثير قوي على جميع جوانب العمل، مثل الإنتاجية والعلاقات بين الموظفين. لكن ما المناخ التنظيمي Organizational Climate؟ وهل هو بهذه الأهمية حقًا؟
جدول المحتويات:
- ما المناخ التنظيمي؟
- خصائص المناخ التنظيمي
- أنواع المناخ التنظيمي
- تأثير المناخ التنظيمي
- العوامل المؤثرة على المناخ التنظيمي
- أبعاد المناخ التنظيمي
- كيفية تحسين المناخ التنظيمي
ما المناخ التنظيمي Organizational Climate؟
ظهر مفهوم المناخ التنظيمي عام 1940، وكان يصف عناصر بيئة العمل التي تؤثر على سلوك الموظفين وأدائهم في مقر العمل. ويمكن القول بأنه نتيجة لتصورات وتوقعات الموظفين بخصوص بيئة العمل. يُعرف المناخ التنظيمي أيضًا باسم “مناخ الشركات” لأنه يحدد ثقافة الشركة التي تؤثر بشكل كبير على الرضا الوظيفي ومستوى الإنتاجية في المؤسسة.
وقد وصف البروفيسور “إيدالبرتو شيافيناتو” أحد أكبر المؤلفين في مجال الموارد البشرية، المناخ التنظيمي بأنه مجموعة من خصائص بيئة العمل غير القابلة للقياس بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد أُنشئت من قبل العاملين في تلك البيئة التي تؤثر على سلوك أولئك العاملين.
خصائص المناخ التنظيمي
فيما يلي مجموعة من الصفات والسمات الأساسية التي يمكنها وصف المناخ التنظيمي، فالمناخ التنظيمي يمكن أن يكون:
- تصور عام: يصور المناخ التنظيمي أفكار الموظفين وانطباعاتهم عن بيئة العمل الخاصة بمقر عملهم.
- هُوِيَّة فريدة من نوعها: يمنح المناخ التنظيمي المؤسسة هُوِيَّة مميزة وفريدة من نوعها.
- مفهوم متعدد الأبعاد: يعد المناخ التنظيمي مفهومًا ذو أبعاد متعددة، إذ تشمل أبعاده أسلوب القيادة وهيكل السلطة والطبيعة المستقلة.
- مفهوم غير ملموس: يعد المناخ التنظيمي مفهوم نوعي أو غير ملموس، إذ يصعب شرح مكوناته في وحدات قابلة للقياس.
- الجودة المستدامة: يمثل المناخ التنظيمي الجودة الدائمة لبيئة العمل التي يختبرها الموظفون.
أنواع المناخ التنظيمي
هناك 4 أنواع المختلفة للمناخ التنظيمي أتت نتيجة ثقافة المؤسسة نفسها، وهم:
- المناخ الموجه نحو الأشخاص People-Oriented Climate: ينتج هذا النوع من المناخ التنظيمي من ثقافة الشركة التي تشمل مجموعة أساسية من القيم المتعلقة بالرضا الوظيفي للموظفين وتهتم بأدائهم ونتائج العمل النهائية.
- المناخ الموجه نحو القواعد Rule-Oriented Climate: ينتج هذا النوع من ثقافة الشركات التي توفر العديد من المزايا والفوائد لموظفيها وتولي اهتمامًا كبيرًا بالتفاصيل.
- المناخ الموجه نحو الابتكار Innovation-Oriented Climate: تؤدي الثقافة التي تعتمد على التفكير الإبداعي لتقديم طرق وحلول مبتكرة إلى مناخ موجه نحو الابتكار.
- المناخ الموجه نحو النتائج Result-Oriented Climate: يأتي هذا المناخ من ثقافة الشركة التي تضع كل جهدها لإتمام العمل على أكمل وجه من أجل تحقيق أفضل النتائج.
تأثير المناخ التنظيمي
يؤثر المناخ التنظيمي بشكل مباشر على الرضا الوظيفي للموظفين، الذي ينعكس بدوره على أدائهم في العمل. وهناك بعض الآليات التي يؤثر بها المناخ التنظيمي على سلوك الفرد، مثل:
أولًا: نظام التقييد
يسهل التأثير على سلوك الموظف والتحكم به بواسطة نظام المكافآت والخصومات الذي تتبعه معظم الشركات. إذ تحفز المكافأة الموظفين على بذل كل ما لديهم للوصول إليها، بينما يعاقب الموظف الكسلان الذي يُهمل عمله ولا يؤدي المهام المطلوبة منه، وذلك بالخصم من راتبه.
ثانيًا: مساعدة الموظفين على تكوين التصورات
بخلاف الدور الذي يلعبه المناخ التنظيمي على الرضا الوظيفي ومستوى الإنتاجية، فإنه يؤثر على سلوك الموظفين بمنحهم القدرة على امتلاك انطباعاتهم وتصوراتهم الخاصة عن المؤسسة.
العوامل المؤثرة على المناخ التنظيمي
حدد الباحثون عدة عوامل مؤثرة على المناخ التنظيمي في المؤسسات، كالتالي:
- الهيكل التنظيمي للمؤسسة شاملًا اللوائح والقيود والقواعد والقوانين التي تتبعها المؤسسة في إدارة عملها.
- المسؤولية الفردية وشعور الرئيس بالحرية والاستقلالية لكونه مدير نفسه.
- المكافآت والإحساس بالثقة للحصول على مكافأة ملائمة للمجهود المبذول في العمل والنتيجة النهائية لهذا الجهد.
- نسبة المخاطرة المحتملة في العمل.
- العَلاقة الجيدة بين الزملاء في العمل والحصول على الدعم والمساعدة وقت الحاجة.
- اختلاف الآراء والأفكار بين الموظفين.
- أساليب القيادة وعملية صنع القرار.
- السياق التنظيمي، ويقصد به رؤية الشركة وأهدافها وغاياتها.
أبعاد المناخ التنظيمي
1. الهيكل التنظيمي والتوجه الغالب
يعد الهيكل التنظيمي للمؤسسة أحد المكونات الرئيسية للمناخ التنظيمي الذي يحدد العلاقات في العمل بين الموظفين على اختلاف مراتبهم ومناصبهم. فمن الذي سيعمل تحت إمرة من ومن هم المُديرين المسؤولين عن جميع المرؤوسين. مع ضرورة تفعيل الاستقلال الفردي ومنح بعض الأفراد السلطة الكافية لاتخاذ القرارات الإدارية والتنفيذية، بغرض تخفيف بعض أعباء العمل على كبار المديرين من أجل تحقيق الكفاءة في إدارة العمليات.
كذلك يعد التوجه الغالب عنصرًا حاسمًا في تحديد المناخ التنظيمي. فعندما يخضع التوجه لقوانين ولوائح المؤسسة، سيتأثر المناخ التنظيمي بالقواعد والقوانين، أما إذا كان توجه المؤسسة مُنصبًا على الأداء المميز في العمل، فسوف يتأثر المناخ التنظيمي بالإنجاز.
2. إدارة الخلافات
لا تخلو أي مؤسسة عمل من النزاعات بين الشركاء أو المُديرين أو حتى الموظفين وفرق العمل. ونشوب تلك النزاعات أمر طبيعي تمامًا ولا يمكن اعتباره دلالة على سوء الإدارة أو سوء بيئة العمل، لكن طرق إدارتها والتعامل معها تؤثر على المناخ التنظيمي بدرجة كبيرة.
فإذا تم احتواء الخلافات بشكل إيجابي، ستسود بيئة العمل مناخ إيجابي محفز على الإنتاجية، وإذا حدث العكس، فستكون أجواء بيئة العمل متوترة ومشحونة للغاية.
3. نظام الإدارة
قد يكون نظام الإدارة داخل المؤسسة نظام مرن يستقبل اقتراحات الموظفين ويأخذ آرائهم بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات النهائية، وقد يكون نظامًا يعتمد على أخذ القرارات النهائية من الإدارة العليا مباشرةً وتنفيذها دون نقاش. وهذا بدوره يؤثر على بيئة العمل وسلوك الموظفين.
يتأثر المناخ التنظيمي بأسلوب الإدارة المتبع في المؤسسة. فإذا كان تركيز المديرين منصبًا على تقوية العلاقات بين الموظفين وتوفير بيئة عمل قائمة على التعاون لتحقيق أفضل نتائج، فسينعكس ذلك بالإيجاب على الموظفين وأدائهم في العمل.
أما إذا كان أسلوب الإدارة قائم على تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة فحسب، فسيشعر الموظفين بالضغط لإنجاز تلك الأهداف وينتابهم القلق بشأن العواقب التي تنتظرهم في حال عدم تحقيقها ويؤثر ذلك سلبًا على أدائهم.
4. التواصل
يؤثر التواصل في المؤسسة بشكل مباشر على المناخ التنظيمي. فعندما يمتلك جميع موظفي المؤسسة دون أي استثناء حرية التعبير عن آرائهم واقتراحاتهم وإيصال شكواهم للمدراء، ينشأ نوع من التواصل الإيجابي المرغوب فيه مما يجعل بيئة العمل مريحة وسلسلة ذات مناخ تنظيمي جيد.
5. نظام المكافأة
يشجع نظام المكافأة الموظفين على المنافسة الصحية. إذ يبذل جميع الموظفين قُصَارَى جهدهم من أجل تحقيق أفضل أداء في الشركة بغرض الحصول على المكافأة والحوافز التي تعرضها الشركة في المقابل، وكذلك من أجل الحصول على فرص للترقية. وبذلك، يرتفع معدل الإنتاجية ونتائج الشركة. بينما إذا حدث تحيز أو تفضيل عند توزيع المكافآت، فسيؤدي ذلك إلى شعور الموظفين بالاستياء وانخفاض رضاهم الوظيفي.
6. المخاطرة
يقصد بالمخاطرة هو عندما يخاطر المُديرون بتجربة فكرة جديدة لم يطبقها أي عمل من قبل ولم تثبت نجاحها من عدمه بعد. قد تكون تلك الفكرة هي منتج جديد، جهاز جديد أو حتى فكرة ترويجية لم يستخدمها أحد من قبل. في حالة نجاح تلك الفكرة يحفز ذلك الموظفين على الابتكار وقول أفكارهم الجديدة دون خوف.
كيفية تحسين المناخ التنظيمي
يمكنك تحسين المناخ التنظيمي في شركتك بواسطة اتباع الخطوات الأربع التالية:
أولًا: تحديد المناخ التنظيمي الحالي
قبل أن تشرع في تحسين المناخ التنظيمي في مؤسستك، تحتاج أولًا إلى تحديد وضعه الحالي. ولعل الطريقة الفضلى لذلك هي إجراء استطلاع رأي أو دراسة للموظفين. يمكن أن تحدد تلك الدراسة العوامل ذات التأثير الإيجابي، مثل:
- الوضوح: يعرف جميع أعضاء الفريق المهام المتوقع أدائها.
- المعايير: الأهداف التي وضعتها الإدارة واقعية غير روتينية تحفز على الإبداع والعمل بجد.
- المسؤولية: يستطيع الموظفون إنجاز المهام المطلوبة منهم بقدر قليل فقط من الإشراف.
- المرونة: القواعد والسياسات التي تفرضها المؤسسة ضرورية ومقبولة.
- المكافآت: يتلقى الموظفون الحوافز والمكافآت بانتظام وبشكلٍ يُلائم أدائهم وإنجازاتهم.
يمكنك أيضًا مقابلة الموظفين وسؤالهم عن رأيهم حيال العمل والمؤسسة وماهية شعورهم تجاه مهامهم وبيئة العمل. فقد ينتج ذلك معلومات مفيدة ويرشدك إلى خطوات معينة للقيام بها.
حاول تطبيق سياسات أكثر مرونة لجعل الموظفين يشعرون بأريحية في العمل مثل السماح لهم بالمغادرة فور إنجاز المهام اليومية دون الحاجة إلى الانتظار حتى نهاية ساعات العمل، وتطبيق سياسة العمل عن بُعد لضمان مزيد من الفاعلية، أو السماح باستخدام الأجهزة الشخصية للعمل.
ثانيًا: زيادة نسبة الوعي برسالة الشركة
يساعد فهم رؤية الشركة وأهدافها الموظفين على الشعور بأهمية عملهم والاستثمار فيه بمزيد من الشغف والدافع. اجتمع بموظفيك واشرح لهم قيم الشركة واتجاهها، وتأكد من أنهم يفهمون بوضوح كيف يمكنهم تسخير جهودهم الخاصة لتحقيق الأهداف العامة للشركة.
يمكنك أن تشرح للموظفين الأدوار الوظيفية الخاصة بكل منصب وكيف يساعد ذلك المنصب في تحقيق أهداف الشركة. وحينها، حتى مدخل البيانات في الشركة سيتحمس لبذل المزيد من الجهد في عمله إذا علم أن عمله يساعد على وصول المنتج للزبائن سريعًا مثلًا.
ثالثًا: تحديد العوامل المحفزة
قد تكون العوامل التي تحفز الموظفين هي أهدافًا واقعية، أو هيكل تنظيمي محدد وواضح، أو حتى الشعور بتقدير المهارات والإنجازات في العمل. يمكن للإضافات الصغيرة أن تؤثر بشكل إيجابي على معنويات فريقك وتدفعهم للاستمرار بالعمل الجاد. وقد تتمثل تلك الإضافات في توفير قهوة مجانية أو إنشاء بيئة عمل مريحة بهدف تحسين الإنتاجية وكذلك المناخ التنظيمي.
يعد تطبيق نظام مكافآت رسمي طريقة فعالة كذلك لتحفيز موظفيك. مثل الحوافز الإضافية عند تحقيق عدد معين من المبيعات، أو ربما رحلة مدفوعة مقابل تحقيق هدف معين كل شهر لعدة شهور متتالية.
كلمات الشكر والتقدير تجعل الموظفين يشعرون بأنهم مُقدرون ولهم أهميتهم. لذا كلفتة بسيطة لطيفة أرسل بريد إلكتروني إلى الموظفين أصحاب الأداء الأفضل تثني فيه على مجهوداتهم، كما يمكنك شكرهم بشكل علني في اجتماع أمام الموظفين الآخرين.
رابعًا: فهم عملية توزيع المهام
يجب أن يفهم موظفيك بوضوح سبب حصول بعض الموظفين على مهام محددة أو مسؤوليات إضافية دونًا عن الآخرين. إذ يساعد فهم عملية توزيع المهام الموظفين على رفع معنوياتهم وشعورهم بالتقدير من قِبل المؤسسة التي يعملون بها. يمكنك الاجتماع مع أعضاء الفريق واشرح أسباب تعيين كل منهم في منصبه.
تم النشر في: سبتمبر 2021
تحت تصنيف: ريادة أعمال | مشاريع ناشئة