مهما كان كاتب النص محترفًا ومتقنًا لمجال الكتابة أو حتى هاويًا فيه، فمن الإلزامي أن تسبق نشر هذا النص مرحلة تدقيق ومراجعة يقوم بها مدقق لغوي محترف لتصليح هفوات الكاتب وأخطائه، سواء أكانت نتيجة السهو أم قلّة الاطلاع والمعرفة بقواعد الإملاء واللغة.
قد تكون عملية تدقيق النص سريعة بحيث تقتصر على إصلاح الأخطاء الإملائية والهفوات اللغوية، بينما قد تتضمَّن تحريرًا ومراجعةً شاملةً للنص. وفي كلتا الحالتين، قد يواجه صاحب العمل صعوبةً لا يستهان بها في العثور على الشخص المناسب للمهمة: فعلى أي أساسٍ يجب توظيف المدقق اللغوي، وكيف يمكن التأكد من كفاءته وقدرته على أداء العمل المطلوب؟
هل تحتاج إلى مدقق لغوي أم محرّر؟
قبل الشروع في البحث عن مدقق لغوي مناسب، يجب على صاحب العمل أن يعلم السبب الذي يريد التدقيق لأجله، فبعض الحالات تستلزم “التدقيق” وبعضها الآخر يستلزم “التحرير”، وقد يبدو هذان المصطلحات قريبين في المؤدَّى رغم اختلافهما الكبير من ناحية المؤهلات المطلوبة.
يختلف التدقيق اللغوي عن التحرير في مسألة جوهرية، وهي مقدار المسؤولية والصلاحيات التي ينالها من يراجع النص. فالمدقق اللغوي يُعْنَى بتصحيح الأخطاء الواضحة التي تقع عينه عليها في النصّ، وقد تكون هذه أخطاءً مطبعية واضحة، أو قد تكون أخطاءً إملائية في النحو والصرف وعلامات الترقيم وغير ذلك، على أن وظيفة المدقق لا تتجاوز هذا النطاق.
أما المحرّر فهو أقرب إلى مدير أو مشرف للنصّ، إذ إنه قد يجري تعديلات على هذا النص أو يطلب من الكاتب إجراءها في أي ناحية من النواحي، سواءٌ من حيث الصياغة أو الأسلوب أو الموضوع الرئيسي. بل وقد يطلب إضافة الصور أو تغييرها وقد يقدّم ملاحظاتٍ على التنسيق والعرض البصريّ للمحتوى، وقد يراجع المعلومات الأكاديمية والعلمية أو يطلب من المؤلف توثيقها وتدقيقها.
في حال كان كاتب المحتوى متخصصًا في المجال الذي يكتب عنه أو واسع الاطلاع فيه، فقد يكون من الكافي توظيف مدقق لغوي يُصوّب الأخطاء والسهوات العرضية وهذا تصويبٌ لا بُدّ منه في كل سياق وكل زمان. وأما لو لم يكن الكاتب مختصًا في المجال أو لو كان جديدًا على مهنة الكتابة أو غير ضليعٍ بنوع الكتابة الذي يعمل فيه.
على سبيل المثال، لو انتقل الكاتب من الكتابة القانونية إلى كتابة المقالات أو بالعكس، فقد تحتاج وقتها إلى البحث عن محرّر بمؤهّلات أعلى بكثير من المدقق اللغوي، علمًا بأن هذا المقال -عملًا بطوله- لن يتناول أسس اختيار المحرّر بالتفصيل.
أسس اختيار المدقق اللغوي
طالما أن مسؤوليات المدقق اللغوي أقلّ بكثيرٍ من مسؤوليات المحرّر، فلا شك بأن توظيف شخص كفؤٍ لمهمّة التدقيق أسهل وأسرع. قد يساعدك في اختيار مدقق لغوي مناسب البحث في مؤهلاته، لكن التدقيق مهنة عملية قائمةٌ على التطبيق والخبرة، ولذلك فلا بُدَّ من اختبار عمليّ -كذلك- يثبت كفاءة المدقق وعلمه. ثمة بعض المعايير التي يجب وضعها بالحسبان عند اختيار مدقق لغوي منها:
1. الشهادة
المؤهل الأفضل للمدقق اللغوي هو أن يحمل شهادة في اللغة العربية أو آدابها أو علومها، أو بلغةٍ أجنبية لو كان التدقيق بغير العربية، ولو أنه ينصح بُقوَّة بأن يعمل المدقق اللغوي في لغته الأمّ فحسب. ولا يعني هذا أن كل المدققين يحملون شهادات بالضرورة، فمن المألوف أن يعمل الموظّف الحر بغير شهادته.
فمن له شغفٌ باللغة العربية حتى ولو لم يحمل شهادةً فيها، قد يماثل بعلمه فيها خريجي أرقى الجامعات، على أن توظيف شخصٍ يحمل شهادة بغير اللغة العربية يستلزم حرصًا أكبر في اختبار هذا الشخص والتوثق من قدراته.
2. الخبرة
ترجع أهمية الخبرة في التدقيق اللغوي إلى صعوبة ونوع النص الذي تحتاج إلى تدقيقه. فلا شك بأن النصوص المتخصّصة أصعب من العامة، ولا ريب بأن تدقيق نصّ له علاقة بعلوم اللغة أو الدين قد يحتاج لخبرةٍ أوسع وأكبر من غيرها من المجالات.
بالعموم فإن التدقيق ممَّا دون التحرير، قد لا يستلزم إثباتًا كبيرًا للخبرة السابقة، فهو مهارةٌ عملية تعتمد على سعة المعرفة والاطلاع باللغة. والخبرة السابقة بمجالات أخرى لها علاقة باللغة، مثل الكتابة والتحرير والترجمة، قد تُغْني عن الخبرة السابقة بالتدقيق.
3. الاختبار العملي
مهما كان المدقق اللغوي واسع الخبرة والاطلاع، فلا يصحّ الاعتماد على مؤهلاته النظرية في توظيفه بدون إثباتٍ لأدائه في مهمة عملية، والوسيلة الأسهل لذلك هي إجراء اختبارٍ لعددٍ من المتقدمين للوظيفة الذين لهم مؤهلات واعدة.
الاختبار هو عبارة عن قطعة نصية فيها أخطاءٌ لغوية متعمّدة قد يساعِدك متخصّص باللغة العربية في وضعها، بحيث يطلب من المدقق مراجعتها وتصحيح الأخطاء فيها، وقد يُطْلَب منه تقديم شرحٍ مختصرٍ لكل تصويب للتأكد من أنه يعرف مكمن الخطأ وسببه. ومن الأفضل أن تكون القطعة النصية مستخرجةً مباشرةً من النصّ الذي تحتاج إلى تدقيقه، أو أن تكون من موضوعٍ قريبٍ في نوعه وهدفه.
حين وضع الأخطاء المعتمّدة في قطعة الاختبار، من المهم التنويع في هذه الأخطاء لتختبر قدرات المدقق وسعة اطلاعه. فالأخطاء المطبعية تساعد على معرفة حسن انتباه المدقق، والأخطاء النحوية والصرفية تثبت اطلاعه في اللغة، وأخطاء علامات الترقيم التي كثيرًا ما يجهلها الكتاب والمدققون على حدّ سواء، قد تشير إلى إلمامه بجوانب الوظيفة كاملة.
ويجب على صاحب العمل ألا يتوقع من المدقق تصحيح أخطاءٍ متعمّقة في النص، مثل الصياغات الركيكة (مثال: “نُشِرَ هذا الكتابة بواسطة دار كذا”)، وإنما الأخطاء الواضحة (مثال: “العمال ذهبو للغداء”)، فالخطأ الثاني يقع ضمن مسؤوليات المدقق، وأما الأول فيميل لجهة المحرر، وقد يصحّحه المدقق إن كان أمينًا أو مخلصًا في عمله ولكنه لا يلام على اجتيازه.
يجب الانتباه في الاختبار العملي -كذلك- إلى إرسال قطعة نصية متماثلة لجميع المتقدمين للوظيفة، أو عدّة نماذج من القطعة نفسها، وذلك لضرورة الاستناد إلى أساسٍ واحد في تقييم جميع المتقدمين. ولا يصحّ مهنيًا ولا أخلاقيًا توزيع النص على المتقدمين لتدقيقه مجانًا أو لتخفيف الأعباء على صاحب العمل.
كيف توظف مدقق لغوي مستقل؟
من الطبيعي أن تتفاوت شروط صاحب العمل بحسب نوع المشروع الذي يعمل عليه. كما أن ميزانيته المخصّصة للمحتوى بما في ذلك التدقيق، قد تختلف بحسب كمية الربح المرجوّة ورأس المال المتوفر. قد تؤدي هذه الشروط إلى صعوبة في اختيار المدقق، على أن موقع مستقل، أكبر منصة عمل حر عربية جعلت هذه المهمة أيسر وأسرع بكثير.
1. حدد ميزانية التدقيق اللغوي
من المهم -مبدئيًا- أن يعرف صاحب العمل المبلغ التقريبي الذي يودّ تخصيصه للتدقيق، خصوصًا إن كان المشروع كبيرًا أو طويل الأمد. والمألوف في صناعة المحتوى حساب السعر بحسب عدد الكلمات (عدد من السنتات/كلمة) أو عدد الصفحات (على أن الرجوع فيها يكون إلى معيار قياسي هو 250 كلمة/صفحة، وإلا فإن أساس الحساب لن يكون عادلًا لصاحب العمل ولا للموظّف).
ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن أسعار المحتوى تختلف اختلافًا شاسعًا حسب نوع هذا المحتوى وحسب مؤهلات الكاتب، ومن الطبيعي عدم التمكن من تقدير سعر المدقق بدون معرفة سعر الكاتب أولًا، وقد يتقاضى المدقق ما بين نصف إلى رُبْع أجرة الكاتب -تقريبيًا- على عدد الكلمات نفسه.
2. أضف مشروعك
يمكنك الاعتماد بسهولة على منصة مستقل لتوظيف مدقق لغوي محترف، ابدأ بإنشاء حساب في مستقلّ خلال ثلاث أو أربع دقائق، فكلّ ما عليك هو إدخال اسمك وبريدك الإلكتروني واختيار كلمة المرور، وبعد ذلك سوف تسألُ عمَّا إذا كنتَ مستقلًا (أي موظّف مستقل تبحث عن عمل حرّ) أم صاحب مشاريع (تبحث عن موظّفين لتنفيذ مشاريعك).
بعد هذه الخطوة، عليك تجهيز ملفّك الشخصي في الموقع ليتحدث عنك وعن العمل الذي تقوم به، وكلّما كنتَ أكثر دقّة في كتابة النبذة التعريفية ووصف العمل يكون من الأسهل عليك أن تجتذب الأشخاص المناسبين للعمل معك، مع توخّي الصدق والأمانة في صياغتها. كما قد يطلب منك تفعيل رقم الجوال لتوثيق حسابك، خصوصًا وأنك سوف تستخدمه في معاملات مالية متكرّرة.
الآن، أضف مشروعك مع كافة التفاصيل والمعلومات المتعلقة به، بما فيها المؤهلات والخبرات المتوقعة من المدقق اللغوي، ومدة التنفيذ المتوقعة لإنهاء المشروع، ناهيك عن الميزانية التقديرية التي لا بأس بخفضها أو رفعها فيما بعد حسب المدقق الذي يقع الاختيار عليه.
بعد ذلك ستبدأ بتلقّي العروض من أفضل المدققين اللغويين، والتي ستكون غزيرة بدون شك. لذلك احرص على قراءة العروض بانتباه وتفحص المؤهلات والقدرات التي يتحدث عنها المتقدمون. كما يمكنك إجراء عملية تصفية أولية بينهم ثم إرسال الاختبار العملي في التدقيق لمن لهم مؤهلات واعدة للوظيفة.
لا شك بأن عملية التوظيف عبر الإنترنت قد تكون لها تحدياتها، لكنها توفر أيضًا ميزات ويسرًا لصاحب العمل والموظفين على حد سواء لم تكن متوفرة قبل ذلك. يمكنك الآن الاستفادة من منصة مستقل للوصول إلى آلاف المرشحين في العمل الحرّ واختيار الموظف المناسب للمهمة المناسبة، مع الرجوع إلى أسس الاختيار الصحيحة والمناسبة لك ولهم.
يدور المقال حول التدقيق اللغوي، وما يدعو للعجب أن كاتب المقال يحتاج إلى مدقق لغوي ليصلح أخطاءه.
خطأ في عنوان المقال، وهو (كيف توظف مدقق لغوي محترف؟)
والصواب: (كيف توظف مدققًا لغويًا محترفًا؟)
مدققًا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
لغويً: نعت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
محترفًا: نعت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
أليس هذا ادعاء لمهارة مفقودة!
شكرًا لاهتمامك بكتابة هذه الملاحظة المفيدة د. محمد، معك حق بالتأكيد ولكنه أمر مقصود لأهداف الـ SEO وبخاصةٍ في عنوان المقال.
شكرا لك مقال مفيد جدا 💛