مهما كانت الوظيفة التي تشغَلها، فعلى الأرجح أنك تعاني أحيانًا من ضغوطات العمل، حتى لو كنت تحب ما تفعله، إمّا بسبب التعامل مع عميل مزعج، أو رئيس صعب المراس، أو عند اقتراب مواعيد التسليم، فهذه كلها لحظات يكون ضغط العمل فيها في أوجه. ضغط العمل الخفيف ليس مشكلة، بل قد يكون مفيدًا أحيانًا لتحفيزك وإخراج أفضل ما فيك.
ولكن إذا شعرت أن ضغوط العمل تستنزف طاقتك، وتؤثر على مسارك المهني والشخصي، فعليك أن تبحث عن حلول للتخلص من تلك الضغوط أو تخفيفها على الأقل. بغض النظر عن ما تفعله من أجل لقمة العيش، أو مدى ضغط العمل الذي تعاني منه، فهناك الكثير من الأشياء التي يمكنك القيام بها لخفض مستويات الإجهاد والضغوطات، في هذا المقال سنُساعدك على ذلك، وسنقدم لك عددًا كبيرًا من النصائح والاستراتيجيات التي يمكن أن تضع عن كاهلك ولو جزءًا من تلك الضغوط.
جدول المحتويات:
ما هي ضغوطات العمل؟
الإجهاد الذي يظهر عندما تصبح متطلبات العمل ومهامه أكثر من قدرتك على التعامل معها، ما يؤثر صحتك الجسدية والنفسية، وعلى علاقاتك وحياتك الشخصية. ضغوط العمل ليست ظاهرة نادرة، إذ تُقدِّر بعض الدراسات أنّ نسبة الموظفين الذين يعانون من ضغط العمل تصل إلى 80%، منهم 40% يعانون من ضغط عمل شديد.
علامات وأعراض ضغوط العمل
قد لا تنتبه في غمْرة العمل، إلا أنّك تعاني من ضغوط العمل. وهذه بعض العلامات والأعراض التي تنذر بأنك تعاني منها بحسب المؤسسة الأمريكية للضغط:
- الشعور بالقلق، أو العصبية، أو الاكتئاب
- اللامبالاة، والخمول وفقدان الاهتمام بالعمل
- مشاكل في النوم
- الإعياء
- صعوبة التركيز
- توتر العضلات أو الصداع
- مشاكل في المعدة
- الانطواء الاجتماعي
- مزاج مكتئب
- فقدان الثقة، أو الشعور بالغضب وتعكُّر المزاج
- زيادة أو فقدان الوزن
- جَرْش الأسنان (Teeth grinding)
- نوبات الهلع
- تعرّق اليدين أو القدمين
- الغثيان
- الوسواس القهري
كيفية التعامل مع ضغوط العمل بشكل إيجابي
1. تحديد مصادر الضغوط
أول خطوة في طريق التعامل مع ضغوط العمل هي تحديد مصادرها، هذه المصادر قد تكون آتية من بيئة العمل أو الزملاء أو من طبيعة العمل نفسه، وقد تكون مؤقتة، وقد تكون دائمة. فيما يلي قائمة بأكثر مصادر ضغوطات العمل شيوعًا:
- الأجر المنخفض.
- أعباء عمل مفرطة.
- الوظيفة محدودة الأفق ولا توفر لك فرصًا للنمو والتقدم.
- لا تحب عملك، أو تجده مملًا ودون مستواك.
- نقص الدعم الاجتماعي.
- آراؤك لا تُقدَّر، وليست لك أيّ مساهمة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل.
- متطلبات متعارضة أو توقعات غير واضحة.
- الخوف من الطرد.
- ساعات عمل إضافية بسبب تسريح الموظفين.
- ضغط متواصل لتقديم مستويات مثلى طوال الوقت!
- الإدارة التفصيلية، وعدم إعطَائك أيّ مساحة للعمل بحُريّة.
- مرور الشركة بتغييرات جذرية.
2. ضع الحدود
حدّد لمن حولك ما هو مقبول وما هو غير مقبول عندما يتعلق الأمر بالعلاقات في العمل. ضع حدودًا واضحة حتى لا يتطفل الآخرون على وقتك أو مساحتك الخاصة. ووضع الحدود لا يهمّ الآخرين وحسب، بل إنّ أهم الحدود هي تلك التي تضعها لنفسك، ففي عالم اليوم المتشابك والمتواصل 24/24، أصبحت الحدود بين الحياة المهنية والشخصية ضبابيّة.
فإذا كان رئيسك في العمل وزملاؤك يتواصلون معك بخصوص العمل طوال اليوم، وربما حتى في الليل وفي العطل، فقد يشكل ذلك ضغطًا دائمًا عليك، وستشعر بأنّ العمل يلاحقك أينما ذهبت. من المهم أن تكون واضحًا بخصوص حدود العمل، وأن تفصل بوضوح بين حياتك الشخصية والمهنيّة.
3. ابحث عن الدعم لدى العائلة والأصدقاء
أحيانًا كل ما تحتاج إليه لتخفيف الضغط هو مشاركة ما تشعر به مع شخص قريب منك. فوجود شبكة قوية من الأصدقاء وأفراد الأسرة الداعمين أمر مهم للغاية لمواجهة الضغط والتوتر في جميع مجالات حياتك. إنّ التحدث عمّا تمر منه والحصول على الدعم والتعاطف -وبخاصةٍ وجهًا لوجه- يمكن أن يكون وسيلة فعالة لمواجهة ضغوط العمل واستعادة هدوئك. الهدف هنا ليس أن يحلّ الشخص الآخر مشكلتك، بل أن يستمع إليك وحسب.
4. ممارسة الرياضة
الرياضة وكل النشاطات التي ترفع معدل ضربات القلب وتجعلك تعرق، مثل الركض والمشي والرياضات الجماعية، هي وسيلة فعالة لتحسين مزاجك، وشحن طاقتك، وزيادة تركيزك، واسترخاء العقل والجسم. وكذلك لتهدئة أعصابك وتخفيف الضغوط عنك، خصوصًا مع فترات الجلوس الطويلة أمام الحاسوب. لذا، حاول أن تجعل ممارسة الرياضة جزءًا من روتينك اليومي، ويُفضّل ألا تقل عن 30 دقيقة يوميًا.
ضع جدولًا يوميًا لممارسة الرياضة، مثلًا يمكن أن تعوّد نفسك على الركض كل صباح، أو يمكنك التسجيل في نادي لممارسة الرياضة، أو يمكنك أن تلعب الرياضات الجماعية، مثل كرة القدم، مرة أو مرتين في الأسبوع مع الأصدقاء أو زملاء العمل، فذلك سيفيدك في تحسين مزاجك وتخفيف الضغوط عنك وتقوية علاقاتك بالآخرين.
5. احرص على العادات الغذائية السليمة
السكر أو الأطعمة المليئة بالدهون، مثل: البيتزا والوجبات السريعة والمثلجات تجعلنا نشعر بالخمول، وتثبّطنا عن مواجهة المشاكل التي نواجهها، وهذا بدوره يزيد من الضغط علينا. من المهم أن تتجنّب الأطعمة المضرّة وغير الصحية، حاول أن تُلزم نفسك بعادات غذائية سليمة، مثل: الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات (carbohydrates) التي تساعد أدمغتنا على التركيز والانتباه، هذه بعض النصائح التي ينصح بها خبراء التغذية:
أغذية يُنصَح بها
- الكربوهيدرات المعقدة، مثل خبز القمح، أو المعكرونة والخضروات.
- الأغذية التي تحتوي على مضادات الأكسدة، والتي تساعد على تحسين المزاج، مثل: التوت الأزرق والشوكولاتة.
- البروتينات الخالية من الدهن مثل: الدجاج.
أغذية يُنصَح بتجنّبها
- الأطعمة الغنية بالدهون، مثل: الجبن واللحوم الحمراء التي تؤدي إلى الخمول.
- الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات المكررة (refined carbs) أو السكر.
- مشروبات تحتوي على الكافيين مثل: القهوة والصودا، التي تتسبّب في الأرق.
6. احصل على القدر الكافي من النوم
وجد باحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد أنّ قلة النوم هو أحد الأسباب المُساهِمة في ارتفاع الضغط. ذلك أنّ قلة النوم تُوهنك وتضعف قدرتك على مواجهة تحديات العمل اليومية، وتؤثر سلبًا على مزاجك. فيما يلي بعض النصائح لمساعدتك على الحصول على القدر الكافي من النوم:
- حاول أن تنام ثماني ساعات في اليوم: الخبراء يقولون أنّ عدد ساعات النوم المثالي هو بين 7 لـ 9 ساعات يوميًا.
- التزم بجدول زمني للنوم: اضبط ساعتك البيولوجية عن طريق الالتزام بموعد محدد للنوم والاستيقاظ، فذلك سيساعدك على الخلود إلى النوم والاستيقاظ منه بسرعة حتى بدون منبّه.
- تجنب النوم في عطلة نهاية الأسبوع: بعض الناس ينامون لوقت متأخر أيام العطلة، وهذا خطأ، لأنه يربك جدول النوم خاصتك.
- أوقف كل الشاشات قبل ساعة واحدة من الذهاب إلى السرير: سواء أكانت أجهزة تلفاز أو أجهزة كمبيوتر محمولة، أو هاتفك الذكي، لأنّ الشاشات تُبقي أدمغتنا مشغولة، وتصعّب علينا النوم.
- تعوّد على أخذ قيلولة: النوم بعد الظهر قد يشحنك ويعيد إليك نشاطك لبقيّة اليوم، لكن لا تبالغ في ذلك وخذ القسط الذي يعيد إليك نشاطك وحسب.
7. حدد أولوياتك ونظم وقتك
إحدى طرق تخفيف ضغوط العمل هي تنظيم وقتك وتحديد أولوياتك. فذلك يجعلك أقدر على أداء المهام الموكلة إليك. وهذه بعض الإرشادات التي يجب أن يتبعها للتغلب على ضغط العمل عن بعد:
- أنشئ جدولًا زمنيًا متوازنًا: حاول أن توازن بين حياتك الشخصية والاجتماعية وحياتك المهنية، وضع جداول مضبوطة للمهام التي عليك القيام بها، لا ينبغي أن ترتجل أو تعمل عشوائيًا.
- غادر إلى العمل مبكرًا بحوالي 10 إلى 15 دقيقة: أن تذهب إلى مقر عملك بهدوء، خير من أن تذهب مسرعًا خشية أن تتأخر عن العمل.
- جدوِل فترات الاستراحة: احرص على أن تأخذ فترات راحة قصيرة بين الفينة والأخرى، خصوصًا إن كان عملك يتطلب تركيزًا كبيرًا.
- حدد الأولويات: إن كان هناك الكثير من العمل الذي ينبغي لك إنجازه، فرتبه وفق الأولويات، وابدأ بالأعمال الأكثر أهمية، ولا تحاول أن تنجز كل شيء في يوم واحد، لأنك لن تنجح على الأرجح، وقد تجد في النهاية أنّك ضيّعت الوقت على المهام الثانوية، ولم تنجز أهمّ الأعمال. كما أنّ كثرة العمل تؤدي إلى التسرع، والتسرع يؤدي إلى كثرة الأخطاء، وهذا بدوره سيؤثر سلبًا على جودة العمل.
- ضع قائمة مهام To Do List: قوائم المهام فعالة في تنظيم الوقت وترتيب الأولويات وتذكيرك بما عليك فعله. اكتب الأشياء التي عليك فعلها في قائمة المهام، سواء في دفتر ملاحظات، أو يمكنك استخدام أدوات إدارة المهام، مثل أداة أنا المقدمة من حسوب، والتي توفر قوالب متنوعة تعينك على متابعة مهامك بفعالية وكفاءة عالية. على سبيل المثال، لوحة خطة إنتاجية لتنظيم مهام العمل.
8. تجنب تعدد المهام
في وقت مضى كان يُحتفَل بتعدد المهام، وكان الخبراء يوصون به، ثم بدأ الناس يدركون أنه عندما يعملون على شيئين في الوقت نفسه، فإنّ سرعة ودقة العمل تنخفض كثيرًا (حاول أن تتحدث على الهاتف وتنجز عمليات حسابية في الوقت ذاته وسترى بنفسك). إن كانت هناك الكثير من المهام التي تنتظرك، فرتبها بحسب الأولويات، وأَنجزها بالتتابع، فذلك سيكون أسرع وأسهل بكثير من أن تعمل على الكثير منها في الوقت نفسه.
9. أحبّ عملك
للأسف، إيجاد وظيفة الأحلام هي مجرد حلم بالنسبة للكثيرين، فمعظم الناس يضطرّون إلى لعمل في وظائف لا يحبونها. يُقال: «إن لم تعمل ما تحبّ، فأحِبّ ما تعمل»، قد تبدو هذه النصيحة مبتذلة وغير واقعية، ولكنّها مفيدة في الواقع، لا يوجد عمل مَهين، ما دمت تعمل فيما يحبّ الله ورسوله، وتقدم خدمة للمجتمع، ولو كانت صغيرة، فإنّ مجهودك لن يذهب هباءً. ركز على جوانب عملك التي تستمتع بها، حتى لو كان مجرد الحديث مع زملائك، أو السير صباحًا للعمل.
10. لا تبحث عن الكمال
من الجيد أن تلزم نفسك بمعايير عالية، وأن تسعى لإتقان كل ما تفعله، فذلك سيشعرك بالرضا عن نفسك، والتميز في العمل. من ناحية أخرى، العقلية المثالية يمكن أن تدفعك للتنطّع والهوس، ويمكن أن تؤثر عليك وعلى الأشخاص من حولك. خصوصًا في الوظائف السريعة، فمن المحال أن تنجز كل شيء بمثالية.
العقلية الكمالية ستجعلك تعيش تحت ضغط دائم، حتى عند إنجاز المهام البسيطة. بدلًا من أن تسعى إلى إنجاز العمل بشكل كامل ومثالي، فالأفضل أن تبذل قصارى جهدك، وأن تتقن عملك ما استطعت، وتضع لنفسك معايير مقبولة وواقعية، وسترى أنّ إنتاجيتك وأداءك تحسنًا، وأنّ ضغوط العمل أصبحت أخف عليك.
11. ابتعد عن المشاكل والصراعات في مقر العمل
إن كانت هناك صراعات بين زملائك في العمل، فلا تقحم نفسك فيها، فلن تنال إلا المشاكل وصداع الرأس والعداوات المجّانية. تجنّب أيضًا كل ما من شأنه أن يدخلك في صدام مع الآخرين، أو يجعلك مكروهًا في مقر العمل، مثل: النميمة والغيبة والتجسس على الآخرين واقتحام خصوصياتهم.
12. تحدث مع زملائك الذين يعانون من الضغوط مثلك
إن كنت تعاني من ضغوطات العمل، فعلى الأرجح أنك لست الوحيد، وأنّ بعض زملائك يجدون ما تجد، ويعانون مما تعاني. تحدث معهم، سواء في مقر العمل أو خارجه، فذلك سيوفر دعمًا نفسيًا لك ولهم. تحدثوا عن كيفية تعامل كل منكم مع الضغط، وعن مصادره، فإن وجدتم أنّ ضغوط العمل تأتي من مصادر مشتركة، فقد يكون من الحكمة أن تتوجّهوا إلى صاحب العمل أو مدير فريق العمل وتتحدّثوا معه بصراحة حول الأمر لإيجاد حلول للمشكلة ومعالجة مصادر ضغوط العمل أو تخفيفها.
13. كن صريحًا مع صاحب العمل
إن اشتدت عليك ضغوطات العمل، فكن صريحًا مع رئيسك في العمل. فمن مصلحته ألا تتأثر إنتاجية موظفيه، وضغوط العمل كما قلنا تضعف الإنتاجية والأداء. إن كان ضغط العمل ناتجًا عن بيئة العمل، فاطلب منه التدخل، هذا قد يعني مساعدتك على تنظيم مكتبك أو التعامل مع زميل مزعج، أو تعديل الجدول الزمني للعمل.
14. تعلم أن تقول «لا»
الكثير من الناس يستحون من قوْل «لا» لشخص ما، ولكن أحيانًا عليك ذلك. فبعض الأشخاص لا يستحون، ويمكن أن يكثروا عليك ويستغلوك، لا تقبل فعل أيّ شيء يضرّك، فذلك ليس من الأخلاق، بل هو من ضعف الشخصية.
هذا لا يعني أن تكون عنيدًا وغير متعاون، على العكس من ذلك، إن طلب منك أحد زملائك معروفًا يمكنك فعله فلا تتردد في مساعدته. المقصود هنا أنه عندما يُطلب منا فعل شيء يضرك، أو خارج مسؤولياتك اليومية، أو طُلِب منك فعل ما لا طاقة لك به فلا تستحِ أن تقول «لا».
إن شعرت بضغوط العمل فلا تتجاهلها، ولا تتركه يتراكم، فذلك سيضر صحتك، وحياتك الشخصية والمهنية. أرجو أن يكون هذا المقال قد جلّى لك بعض جوانب هذه المشكلة، وأن تفيدك النصائح المقدمة فيه وتساعدك على التعامل مع ضغط العمل. إن كانت هناك توصيات أخرى تريد مشاركتها فنرجو أن تشاركنا إياها في التعليقات.
تم النشر في: فبراير 2020
تحت تصنيف: العمل الحر | تطوير المهارات