كيف تبدأ مشروع أون لاين، وكيف تنتقل لمرحلة التنفيذ؟

الفكرة وحدها لا تكفي.. كيف تبدأ مشروع أون لاين؟

بعد أن استعددت نفسيًا -نوعًا ما- لمفهوم إنشاء مشروع على الإنترنت، وأصبح لديك دراية جيدة بإعداد خطة عمل، مرفق معها الملخص التنفيذي، فغالبًا ستكون الخطوة التالية هو إخراج الأفكار التي في ذهنك، ووضعها في نموذج خطة العمل الذي تعرضنا له في المقالة السابقة من هذه السلسلة.

هذا جيد. ولكن حقيقة، الفكرة وحدها لا تكفي. إذ أن الفكرة ستظل حلم داخل العقول، أو كلمات مكتوبة على أوراق -لا قيمة لها- ما لم تخرج إلى حيز التنفيذ. موضوعنا اليوم سيناقش هذه القضية: قيمة الفكرة قبل وبعد التنفيذ، وكيف تبدأ مشروع أون لاين.

يعتقد الكثيرون أنّهم بحاجة إلى فكرة مشروع قوية لتمثل لهم نقطة بداية موفقة، لكنّهم لا يفكرون في أهمية تنفيذها بالشكل الصحيح. قد تجد فكرة عظيمة عند أيّ شخص لكن ما إن يتقدم قليلًا في مشروعه، حتّى يقف عند أول عقبة. لهذا علينا أن نكتشف معًا بعض الأمور المهمّة التي تجعل مشروعك يتقدّم بشكل فعّال قبل أن نقترح عليك في نهاية هذا المقال بعض الأفكار لمشاريع جادة.

أهمية التنفيذ بشكل صحيح

من بين الأشياء الرائعة عندما تبني شركتك الناشئة أنّك تستطيع فعل ما تريد، الأفكار متوفرة بكثرة والاحتمالات غير محدودة، وهذه أكبر التحديات، لأن اتخاذ القرار بشأن ما يجب القيام به سيكون في نهاية المطاف عاملًا حاسمًا لنجاحك.

تأسّست CD Baby سنة 1998 بواسطة Derek Sivers وأصبحت أكبر بائع للموسيقى على الإنترنت بـ 100 مليون دولار من المبيعات، قبل أن يبيع Siversالشركة بـ 22 مليون دولار لاحقًا، بخصوص قيمة الأفكار وتنفيذها أخبر سيفرز في مقالته أن الأفكار تظل مجرد أفكار بلا قيمة حتى لو طورتها، ولكن التنفيذ هو الذي يحول تلك الأفكار إلى ملايين الدولارات، أي إن “مضاعفة الأفكار لا يُقارن أبدًا بمضاعفة التنفيذ”.

إنّه لمن المضحك عندما أسمع عن أشخاص يحاولون حماية أفكارهم، ويطلبون منك التوقيع على اتفاقية عدم الإفشاء لاطلاعك على فكرة بسيطة. بالنسبة لي، الأفكار لا تستحق حتى قيمة الحبر الذي كُتبت به. الأفكار ليس لها أي قيمة بدون تنفيذ، إنّها مجرد أرقام جوفاء. التنفيذ هو ما يستحق الملايين.

  • أكثر الأفكار عبقرية دون تنفيذ تستحق 20 دولار.
  • أكثر الأفكار عبقرية مع تنفيذ عظيم تستحق 20,000,000 دولار.

هذا هو السبب في أنني لا أود سماع أفكار الناس. أنا لا أهتم لها قبل أن أرى التنفيذ – سيفرز

اقرأ أيضًا: 10 أفكار مشاريع (من قائمة الشركات الأسرع نموا)

قد يكون لديك المئات من الأفكار الرائعة، لكن كيف تضاعف قيمتها؟

إذا كان لديك متجر لبيع الملابس، مثلًا وتريد بناء موقع لتحقيق المزيد من المبيعات، فهنالك الكثير من الأشياء التي يمكنك فعلها لتحقيق هذا الهدف:

  • تمكين الجمهور من مشاركة صور منتجاتك على شبكات التواصل.
  • تصميم نظام خاص بهدف مساعدة الزبائن لتذكّر أفضل المنتجات التي أعجبتهم.
  • عرض كوبون خصم خاص لمن يقوم بعمل Review عن منتجك على ملفه الشخصي على فيسبوك.
  • عرض شحن مجاني لمن تجاوزت مشترياته 50$ على سبيل المثال.
  • ………………… أخبرنا أنت.

هذه أفكار جيّدة لكنها قد تكون دون أيّة أهمية، إذا لم توفر لزبائنك الخصائص الأهم في موقعك، مثل إمكانية تصفح المنتجات المتوفرة بشكل سهل، وتعدد طرق الدفع الذي تناسبهم لشرائها. وهنا تكمن أهمية ترتيب الأولويات.

تطور شركة Grasshopper وتقديم الأولوية في التنفيذ

Grasshopper هو نظام هواتف افتراضي لرجال الأعمال بدأ في 2003، تم إنشاؤه بواسطة زميلين في الدراسة أرادا حل مشكلة واجهتهما في مشروع كانا جزءًا منه.

لم يُرِد مؤسسا المشروع الاعتماد على استثمار خارجي لذلك تم الاعتماد على المدخرات الشخصية والعائلية لتمويل المشروع في البداية. عدم أخذ استثمار خارجي كان له فوائده وعيوبه، وعبّر عن ذلك مؤسس المشروع David Hauser:

البداية بدون أي شيء تقريبا، دون أيّ دعم، من المؤكد أنّه كان تحدّيًا.. قمنا بشراء ما هو مطلوب فقط، واستئجار ما نحتاجه وما نستطيع دفعه، وكنا دائمًا نتخذ القرارات التي تساعدنا على النمو أكثر

بعد عشر سنوات حقّقت Grasshopper عائدات بحجم 20 مليون دولار سنويًا، وأكثر من 150 ألف عميل قدّمت لهم الخدمة. Grasshopper لم تصبح على ما هي عليه بين عشية وضحاها، فقد أخذ ذلك سنوات طويلة من معرفة الأشياء التي يمكن فعلها بشكل مستمر لتحقيق أكبر تقدم، وإليك نظرة كيف بدت الصفحة الرئيسية للموقع في البداية.

ربما لم تكن الصفحة الرئيسية للموقع جيّدة بما فيه الكفاية، لكن من المحتمل أن هنالك الكثير من الجوانب المهمة الأخرى التي احتاجت إلى التركيز عليها أكثر في ذلك الوقت، ويبدو في النهاية أنّه تم إعادة ترتيب الأولويات وتوفير المزيد من الوقت للعمل على الصفحة الرئيسية لتبدو كما هي عليه اليوم.

قد يبدو تحسين أشياء مثل تصميم الصفحة الرئيسية شيئًا مستعجلًا، لكن فريق العمل كان له على الأرجح الكثير من الأولويات التنافسية التي لها أسبقية على إعادة تصميم الصفحة الرئيسية، وبدلًا من إنفاق الوقت والمال على أشياء خاطئة في الوقت الخطأ، كانوا بحاجة إلى إعطاء الأولوية باستمرار لما كانوا يعملون عليه ليتمكنوا من الحصول على أكبر قيمة للوصول إلى ما يمكن تسميته بالتنفيذ العبقري. في البدايات ضع تركيزك فقط على الأشياء الضرورية لإخراج مشروعك إلى النور فقط.

القصد أنه لن يكون كل شيء واضحا في البداية، وهذا هو التحدي في بناء شيء جديد: لن يكون لديك كل الأجوبة.

  • ما الذي يمكننا القيام به الآن لجعل عملنا أكثر قيمة بالنسبة لعملائنا؟
  • ما الذي يمكننا تنفيذه لإبراز أهم أجزاء مشروعنا في الوقت الحالي للجمهور؟
  • ما هي طرق المضاعفة الأسرع والمناسبة لميزانيتنا؟

هذه الأسئلة تساعدك باستمرار في اتخاذ القرار الصائب لتعرف ما عليك فعله وتمضي في الاتجاه الصحيح.

تود أن تبدأ ولا تملك فكرة مشروع مناسبة؟

تود أن تبدأ ولا تملك فكرة مشروع مناسبة؟

لحسن الحظ أنّ التطور الهائل الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة كان دافعًا ممتازًا لازدهار العمل على الإنترنت. الشركات الكبرى باتت تدرك قيمة تواجدها في هذا العالم الافتراضي، والجماهير مستعدة لشراء المنتجات والتفاعل معها، حيث تتزايد عدد الساعات التي يقضونها على الإنترنت باستمرار.

في سنة 2005، كان الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة يمضون في المتوسط 10 ساعات و24 دقيقة أسبوعيًا على النت.في 2014 أصبحت 27 ساعة و36 دقيقة في الأسبوع. أي أنّ النسبة تضاعفت 3 مرات تقريبا. أما مع تطبيقات الجوال، وخواص التنبيه مثل Instant Notification فيمكننا الجزم بأن المستخدم قد أصبح متواجدًا على الإنترنت بشكل مستمر، بل إن خواص التطبيقات الحديثة تسمح باستدعائك -Notification- لدخول الإنترنت لمشاهدة محتواها، وقتما تكون بعيدًا عنه.

هذا التطور الثوري، لم يكن في صالح المستخدمين فقط، وإنما كان نصيب الأسد للمعلنين، الذين اتسع سوقهم بشكل هائل، ليسمح لهم بالمزيد والمزيد من التسويق، الترويج، المبيعات، والإيرادات.

مما يعني أن بَدْء مشروع أون لاين مرشح ليزدهر أكثر بسبب زيادة المستخدمين والمعلنين باستمرار، بَدْء مشروع جديد في كل الأحوال ليس مهمة سهلة. إذا أردت النجاح فأنت بحاجة إلى فكرة قوية أولًا، وخطة تسويقية مناسبة، وبعض المهارات الأساسية، لكن يجب أن تكون مستعدا للمنافسة. ولكن، في النهاية الأمر يستحق.

1. بناء متجر إلكتروني

تطورت التجارة الإلكترونية في السنوات الأخيرة بشكل مذهل في عالمنا العربي، بسبب زيادة الطلب وزيادة الوعي حول أهمية التسوق أونلاين لربح الوقت وتوفير المال. ولعلّ أهم قفزة حصلت منذ مدة قصيرة هي استحواذ أمازون على سوق دوت كوم بصفقة يتراوح مقدارها ما بين 580 و750 مليون دولار، ما يجعلنا نفكر في أنّ أمازون ما كانت لتدفع كلّ تلك القيمة لولا أهمية الموضوع وارتفاع الطلب في الشرق الأوسط، وهو مؤشر جيّد يستدعي اهتمام رواد الأعمال لاقتحام هذا المجال.

لا يفترض أن تبدأ متجر إلكتروني لتنافس أمازون من أول يوم، ثم أن وجود المتاجر الكبرى لا يعني عدم وجود فرصة لإطلاق متجرك، هذا ما تحدثنا عنه من قبل مطولًا في دليل شامل لبناء متجر إلكتروني وبدء البيع أون لاين. وذكرنا حجم الفرص المتاحة للتجار الصغار في الربح من سوق يغفل عنه التجار الكبار.

2. إنشاء مدونة أو موقع محتوى

فكرة مشروع إنشاء مدونة أو موقع محتوى ليس بالصعوبة التي تتوقعها، لأنك لن تقوم بكلّ شيء بنفسك. ستجد على منصّة مستقل مطورين يمكنهم أن يساعدوك في اختيار نظام إدارة المحتوى المناسب (مثلًا ووردبريس بوصفه نظام إدارة المحتوى الأشهر والأكثر شيوعًا). كذلك تصميم القالب المناسب لموقعك وتصميم الشعار والهوية البصرية، وستجد العديد من كتاب المحتوى المبدعين والمترجمين لمساعدتك في إنشاء محتوى مميز، كل ما عليك في البداية أن تقررّ إذا كان هذا المجال سيناسبك وتتعرّف إلى بعض الأساسيات.

لا تستخف بمسألة إنشاء مدونة أو منصة لنشر محتوى مرتفع الجودة. فمدونة مثل TechCrunch بدأت بسيطة على يد مايكل أرنجتون Michael Arrington، تحولت إلى مدونة تحقق 200 ألف دولار شهريا، تم شراؤها في النهاية بواسطة AOL مقابل 25 مليون دولار!

3. فكرة مشروع بناء تطبيق جوال

80% من مستخدمي الإنترنت يستخدمون الهواتف الذكية، ما يستدعي الاهتمام أكثر بتطبيقات الجوال. إذا كنت تملك مشروعًا تجاريًا وتود تطويره أكثر فإضافة تطبيق يحقق أهدافك خطوة جيّدة لكسب ثقة جمهورك، وإبقائهم على تواصل دائم معك، كما أنّ بناء تطبيق جديد مثل لعبة مميّزة، أو خدمة تلبي احتياجات فئة محددة قد تعود عليك بأرباح مذهلة، فكرة بسيطة جدّا مثل تطبيق للتذكير بوقت شرب الماء (لأسباب صحية) قد يكون شيئًا رائعًا، لكن تذكر ما تحدثنا عنه من قبل، التنفيذ أهم من أيّ شيء آخر!

اقرأ أيضًا: ضرورة تواجد مشروعك على الإنترنت

إذا تحدثنا عن أفكار مشاريع صغيرة فهي متوفرة بكثرة: المطاعم، خدمات التوصيل، التعليم عن بعد، خدمات صيانة المنازل، تأجير الشقق والفنادق، تأجير صالات الأفراح…الخ.

لكن ما نود أن نلفت له الانتباه أنّه من المهم جدّا أن يتواجد مشروعك على الإنترنت مهما كان بسيطا، للوصول إلى جمهور أكبر وكسب ثقتهم. لست مضطرا أن تطرق باب عملائك لتخبرهم كم هو رائع ما ستقدمه لهم، لكنك ستقنعهم بذلك عندما تعرف كيف تنفّذ مشروعك بالشكل الصحيح وتجعل علامتك التجارية تتألق في هذا العالم الافتراضي. المقال القادم من هذه السلسلة سيناقش الخطوة الأولى لك، وضرورة البدء، ولو كانت البداية بسيطة.

الكاتب: عبد الجبار دبوشة

تم النشر في: يناير 2018
تحت تصنيف: ريادة أعمال | مشاريع ناشئة