كنت أتصفح قليلاً موقع كورا لأقرأ أمتع الأسئلة وأغربها كنوع من أنواع الترويح الذهني، ثم لفت نظري هذا السؤال كيف تفكر خارج الصندوق؟ أجابت فتاة إجابة رائعة مقتبسة من أحد الورش التدريبية على ريادة الأعمال عندما شرح لهم المدرب هذا المبدأ.
فماذا يعني التفكير خارج الصندوق؟
تخيل أنه يوجد صندوق بالفراغ، لا يهم حجمه، طوله أو عرضه، ضع الآن به كل أفكارك، مبادئك، خبراتك، مشاعرك، كل ما خبرته من تجارب وتصورات، عندما يقابلك تحدي ما أو مشكلة فإنك عادة تستخدم هذا الصندوق للتفكير ومرشح لإيجاد الحل، مثلاً إيجاد فكرة مشروع، فكرة جديدة لتطبيق، تصميم .. وهكذا. تدخل المشكلة من ناحية ويخرج الحل من الناحية الأخرى بعد المرور على ما يحويه الصندوق من تجارب وأفكار وطرق معينة للتفكير تكونت مع الزمن بدماغك.
التفكير خارج الصندوق يعني أن تدع كل تجاربك وأفكارك ومبادئك جانباً لتأتي بحل جديد لا يعتمد على أي شيء موجود بالصندوق، أن تترك لعقلك أن يختبر كل فكرة مهما كانت سخيفة أو غريبة دون ترشيح أو انتقاء، وهي مهارة بالأساس ترتكز على قدرتك على الإبداع.
شارلز هولاند دويل (مفوض الولايات المتحدة للبراءات والعلامات التجارية) قال ذات مرة “كل شيء كان من الممكن اختراعه فقد تم اختراعه” هذه المقولة بالضبط ما يعنيه التفكير داخل الصندوق، وستتعجب أكثر عندما تعلم أنه قالها عام 1899. عندها كان لايزال الناس يستخدمون الخيل والقطارات البخارية للتنقل، وقبل اختراع السيارات والطائرات بأمدٍ بعيد.
كيفية التفكير خارج الصندوق ؟
المشكلة الأكبر التي يقع بها كثيرٌ من الناس عند التفكير خارج الصندوق هي أنهم لا يعلمون ماهّيته، ها وقد بينا ماذا يعني نأتي لثاني أكبر مشكلة وهي معرفة كيف تفعلها.
احذف المعتاد، فكّر قليلا
في إجابة الفتاة على موقع كورا، حكت أن المدرب أخبرهم أولاً أن يختاروا مشكلة ثم يبدأوا التفكير في أوضح حل لها، ثم يدعون هذا الحل جانبًا ليفكروا في حلول أخرى، كمثال على هذه الخطوات أمرهم أن يتخيلوا أنفسهم ريادي أعمال ويريدون أن يبدأوا مشروع عمل مطعم، جيّد .. المطاعم مشاريع عظيمة وكل الناس تأكل وتحب الطعام.
لا ليس جيداً لأن هذا هو ما بقعر الصندوق، أخبرهم المعلم بعدها أن ينسوا هذا الحل، فلكي يفكروا خارج الصندوق عليهم أولاً حذف أي فكرة اعتيادية. ثانياً بذل جهدهم للتفكير بحلول أخرى. فكانت بعض الأفكار: تغيير أجواء المطعم مثلاً عمل مطعم على شكل طائرة، ماذا لو أقمت مطعمًا للأطفال به بعض الألعاب، ماذا لو كان المطعم خاص بنوع معيّن بالطعام لا أحد يستطيع عمله بتلك المنطقة. يمكنك تجربة نفس الأمر الآن.
- التقط ورقة.
- أكتب تحدي أو مشكلة.
- أكتب بالضبط كيف ستقوم بحلها.
- دع ما كتبته جانبًا واحرص على إيجاد حل خلاف ما كتبته.
اقرأ أيضاً: دليلك لريادة الأعمال.
لا تكن حرًا
الحرية قد تضر بالإبداع كثيراً، الحدود وقلة الإمكانيات هي ما تساعد على التفكير الإبداعي والمبتكر، لذلك قد تجد من الرساميّن من يستخدم الرمال، في رسوماته، تجد من يرسم بالشوارع بدلاً من اللوحات، كلما ضيّقت الخيارات على نفسك قليلاً كلما كانت فكرتك أكثر عبقرية، تخيل أنك تريد تصميم شعار فقط باللون الأبيض والأسود وببرنامج رسام الوندوز. فكيف ستفعلها؟
ابحث عن الإلهام
الإلهام من تلك الأشياء التي يستقي منها الشخص أفكاره، فلولا تصفحي لكورا لما كتبت هذه التدوينة، لذا يجب أن تجد بعض المصادر وتهييء لنفسك جلسة خاصة أسبوعية أو شهرية تستجمع بها بعض الأفكار التي يمكنك تطويرها أو تنفيذها، الإلهام قد يأتي من أي شيء كل ما عليك هو أن تربطه بما تعمل عليه، إلا أن أهم ما قد يلهمك هو القراءة، التصفح، مشاهدة الفيديوهات، والأفلام الوثائقية وغيرها من متابعة المحتوى الملهم والمفيد.
اهتم بالجودة لا الكمية
لديك قدر محدود من التركيز والجهد تستطيع الاستفادة منه بدوام العمل، لذلك فإن الاهتمام بالكمّ فوق الجودة لن ينتج عنه سوى تقسيم جهودك على عدة أشياء لن يخرج أي منها بالجودة المطلوبة، عند محاولة التفكير خارج الصندوق لا تستعجل، اعط نفسك الفرصة لتخرج بكل الأفكار المتاحة ثم قم باختيار الأفضل منها.
قد يهمك أيضاً: خمسة أمور لا تعرفها عن الجودة.
العب دورًا جديدًا
تريد التفكير خارج الصندوق؟ فلما لا تستبدل الصندوق بصندوق آخر، هذا كل ما يعنيه التفكير خارج الصندوق هو أن تدع أفكارك المعتادة وتفكّر بمنظور آخر، ولا يعني هذا أن تفكر بطريقة والديك أو أصدقائك فغالبًا هم ضمن صندوقك لأنهم يختبرون ما تختبره ويعيشون بنفس البيئة، جرّب أن تلتقط رواية أو فيلم خيال علمي وتخيل نفسك بديلاً للبطل أو حتى الآلة القاتلة، العب دور مواطن عربي بالقرون الأولى يتعلم تحت يد الخوارزمي، على حسب المشكلة أو الفكرة التي تريد اختر الدور الذي تريد أن تلعبه. بهذه الطريقة تغّير من طريقة تفكيرك وتستبدل الصندوق بآخر في كل مرة.
غيّر عالمك
ربما من أكثر الأمور لتغير من طريقة تفكيرك هي تغيير بيئتك، أو ما تفعله واختبار فِكر والقيام بأشياء جديدة، من الممكن تجربة هواية جديدة كالسباحة، التعرف على أناس من ثقافات وبلاد مختلفة، حضور ورشة عمل لصناعة أخرى غير التي تعمل بها، أو حتى دراسة لغة جديدة كاليابانبة، كل هذه الخيارات ستصنع لك عالمًا جديدًا وتستبدل العدسة التي ترى بها العالم بأخرى مختلفة.
أسأل طفلك
إذا كنت لا تجد وقتًا لتداعب فيه طفلك فيمكنك الاستعانة به لتفكر خارج الصندوق، فأبسط الأفكار وأروعها تخرج منهم، لأنهم لا يزالون يكتشفوا هذا العالم دون تعقيدات الكبار أو الانغماس بنفس مشاكلهم، إذا كانت تواجهك مشكلة بالعمل فأجلب قطعة حلوى لطفلك وأسأله ماذا سيفعل لو كان مكانك، ربما تصبح الإجابة غريبة، بسيطة، أو حتى غبية لكن لا تعلم ربما تنجح، وعندما تنجح لا تنسى مكافأته كل مرة، فهذا سيعمل كمحفز ليخرج كل الأفكار “السخيفة” من وجهة نظرك والرائعة من ناحية التفكير خارج الصندوق.
أعد صياغة الأشياء
تدري تجربة الكوب نصف الفارغ أو نصف الممتلئ -على حسب منظورك- هذا بالضبط ما تحتاج لتفعله، كلما قابلتك جملة بديهية أو أمرًا جلي الصياغة والتعريف حاول إعادة صياغته بطريقة أخرى ومن منظور مختلف، إعادة الصيغة -بطريقة أكثر إيجابية- ستغير نظرتك للمشكلة، الموقف، المهمة التي تقوم بها، ما سيدفعك للتفكير بحلول أخرى غير تقليدية.
الخطأ والتجربة
ما لم تجرب بعض الحلول أو الاختيارات فلن يكون تفكيرك نابع إلا عن بعض النظريات، الخطأ والفشل طريقة أكثر من رائعة لرؤية الأشياء من منظور آخر، ففي الوقت الذي تعتقد فيه أن ما تفعله صحيحًا مائة بالمائة يأتي الفشل ليخبرك أنه ربما توجد طريقة أفضل لفعل الأمر، تجربة الشيء واحتمال وقوع أخطاء تتطلب الشجاعة، كل خطأ أو تجربة فاشلة تقترب بك من الحل والطريقة الأمثل للقيام بالأمر، فلا تتردد في تجربة ولا تخجل من الفشل.
الآن وبعد أن طرحنا كل هذه الحلول الجليّة والواضحة للتفكير خارج الصندوق، يمكنك أن تتركها جانبًا وتبدأ باقتراح أفكار أخرى. 🙂
مصادر الصور: Pixabay ، CCBY: Jay Reed
تم النشر في: يوليو 2015
تحت تصنيف: ريادة أعمال | تطوير المهارات
أشكركم حقا علي هذه المقالة المفيدة. إلا أني لم أفهم جيدًا قصدكم من إعادة صياغة الأشياء فهلا أوضحتم لي ذلك
الف شكر وتقدير لحضرتك الرائعة على تلك الكلمات الذهبية التي ذهبت بي الى التأمل في عالم آخر عالم العبقرية والابداع
الشكر مجدداً لسموء كلماتك وإنتقائها من ضمن مليون كلمة
شكرا لكم.
هذا ما نحتاجه فعلا للتخلي عن المعتاد من الروتين في التفكير و العمل، و الانتقال إلى أفكار إبداعية أخرى تحظى بالاهتمام و القبول.
على بركة الله…
أنا الآن و بعدما قرأت الملخص، أدركت أني لا أملك صندوقا، ألك شيئا مختلفا، جسم بيضوي مقسوم إلى نصفين كالقارب تتواجد فيه أفكاري، و أنا على يقين الآن بأني لن أستعمله مجددا، سأتركه لعقلي اللاواعي ليستعمله حين يحتاجه، كتاب مثير، أعتقد أن سأطلع عليه كاملا، شكرا ❤
اول مره اسمع بطريقة التفكير خارج الصندوق كنت ابحث عن شي اخر فظهرت امامي المدونه بالصدفه واعتبرتها رساله كونيه لي لكي افكر بطريقة مختلفة ساحاول تطبيق الخطوات المذكوره ربما تتغير حياتي 🥀
انامشكلتي ان شخصا قريبي جدا متخاصمه معه واريد ان خرجه من تفكيري نهائيا فلا استطيع فماهو الحل لاني منزعجه جدا اريد حلا
شكرا على جهدك وبارك الله فيك اخي الكريم
جميل جدا المقال مشكورين
روعة
اجمل ما قرأت الاستعانه بالاطفال
معزومات مفيدة جدا للعمل بها جزاكم الله خبرا
مقال روعة بجد .. مشكور
موضوع ولا أروع,,, شكرا جدا
مقال دسم جدًا
استمتعت بقراءته ..
اشكرك عزيزي صاحب التدوينة على هذه الوحة الفنية الرائعة ..
مدونة رااائعة جزاكم الله خيرا فلنفكر خارج الدائرة وبعبارتي هذه تكون بداية خروجي عن المألوف
النظر للأمور من جميع الزوايا ينتج عنه رؤى مختلفة .
هذا الموضوع اعطاني حافز لأستمر ، بالرغم من تجربة الفشل التي امر بها ، لكن لابأس مادام الفشل احد الطرق التي توصلني لأفضل الحلول..
لا جرم أن الموضوع من البرمجة اللغوية العصبية .شخصيا مهتم بهذه المادة كثيرا ومحور الموضوع مفيد جدا شكرا جزبلا
أفكارك رائعة حقا. أحب ان اطرح هذه الفكرة وهي عندما يريد الشخص التفكير بشكل ابداعي يمكنه عكس الفكرة. مثلا الطلاب يذهبون الى المدرسة = المدرسة تذهب الى الطلاب. وهنا يبدأ العقل بخلق افكار جديدة. شكرا.
اليس غريبا انك تجد عادة خاصة في التنظيمات و الأحزاب العربية ممن هم في المستوى التنظيمي القيادي الثالث او ربما دونه ناضجون في تفكيرهم-غير النمطي- اكثر من قيادات الصف الأول
أنظمة تعليم رسمية بهذا الشكل تنتج قوالب جامدة حتما
_إضافة للفائدة من وحي المقال:
اجرت وكالة (ناسا) الفضائية عشرات التجارب على أقلام حبر لاستخدامها من قبل رواد الفضاء تقاوم انعدام الجاذبية و صرفوا عشرات الملايين حتى وصلوا لتركيبة خاصة من الحبر
_بينما العلماء الروس حلو المشكلة ببساطة و استخدموا (أقلام الرصاص)
شكرا
طريق المبدعين والمخترعين والعباقرة
شكرا جدا موضوع رائع ..
موضوع ولا أروع
جميله جدا استبدل الصندوق بصندوق اخر
اعجبتني حقا هذه الجزئية (أسأل طفلك)
بالفعل انا كنت استمع لبعض النصائح من اكثر الرائدين في مجال تحفيز الابداع وكان تركيزهم على زرع الابداع داخل الاطفال لأنه في طبيعة الحال الطفل لم يمر بتجربة الحل الصحيح والخاطئ وتقييم اعماله لذا فمعظم افكاره تكون خارج الصندوق وإن كانت سخيفة او جيدة. المقاااال رااااائع جدا …. اتمنى لك التفويق
اعجبتني ملاحظتك التي كتبتها ” دع ما كتبته جانبًا واحرص على إيجاد حل خلاف ما كتبته. ” مهم جدا ان تنظر وتضع اكثر من حل للمشكله . شكرا مقالك يستحق القراءة
بداية جيدة وموفقة لتغيير التفكير وطرقه السائدة…. اتمنى رؤية المزيد والتفاعل مع الاخرين…
بالفعل مقاله مفيدة
تمام الغالي