حقق مفهوم العمل الحر في الأعوام الأخيرة قفزة نوعية وأصبح من الخيارات المطروحة دائماً أمام أي شخص وذلك بفضل منصّات العمل الحر التي توفرت على الإنترنت، والتي فتحت المجال أمام المُبدعين لإظهار مهاراتهم وخبراتهم والاستفادة منها بشكل أوسع.

وكما هي العادة، فإن الأشياء الجديدة أو الموضة كما تُسمى في يومنا الحالي تبدأ من المُجتمع الغربي وتنتقل شيئًا فشيئًا إلى مُجتمعنا العربي وهو ليس بالشيء السلبي طالما أن نوعية الأفكار المتبناة جيدة ولا تتعارض مع الأخلاقيات والتقاليد المتعارف عليها.

في مجال العمل الحر نرى أن هناك بعض العقبات التي تواجه أي شخص عربي يرغب أن يعمل كمُستقل، وبالتأكيد سبق وأن قرأت مقالات تتحدث عمّا نواجهه كمُستقلين خصوصاً مع نمط حياة يعتمد على نظرة المُجتمع بشكل كبير.

ويُمكن أيضاً قراءة الكثير من المقالات التي تتحدث عن كيفية مواجهة هذه التحديات التي لا تقل أهمية عن التحديات الموجودة مُسبقاً عند خوض العمل الحر مثل إيجاد المشاريع للعمل عليها، تنظيم الوقت، اختيار مكان العمل المُناسب وغيرها.

تقبُل العمل الحر بالمجتمعات الأخرى

تقبل العمل الحر بالعالم الغربي

لكن هناك نقطة نغفل عنها كمُستقلين، وهي مدى توافق العمل الحر مع عاداتنا ونمط حياتنا، ولإيضاح الفكرة بصورة أكبر دعونا نتناول المشكلة من بدايتها، وللتنويه فقط نتناول الآن فكرة العمل كمُستقل بدوام كامل وليس فقط لزيادة الدخل من خلال العمل الحر.

لا يوجد اختلاف على ازدهار العمل الحر بشكل كبير في الدول الغربية وهذا يعود للكثير من العوامل أهمها التخلّص من نمط العيش الذي يعتمد على نظرة المُجتمع، مع وجود إيمان دائم أن أي شخص له أهمية أيًا كان نوع العمل الذي يقوم به أو الشهادات التي حصل عليها، فالتقييم قائم على العمل وليس على العلوم النظرية التي حققها هذا الشخص.

الدورة الحياتية

خطة حياة الشخص في الغرب تختلف عن خطة حياتنا في العالم العربي، فدورة حياتنا تبدأ بالذهاب إلى المدرسة كل يوم للوصول إلى الجامعة وتحصيل شهادة علمية للعمل في شركة والبدء في ادخار النقود لتأسيس بيت والارتباط فيما بعد وتكوين عائلة، نجاح أي شخص وفشله مُرتبط كل الارتباط بنجاح هذه الخطة، بعيدًا عن الإنجازات التي قام بها هذا الشخص والمُساهمات الفعالة بمجتمعه.

وصولك إلى بر الأمان وتأسيس عائلة هو الضرورة أو عامل التقييم الأساسي هنا، وما يأتي غيره من مهارات أو إنجازات فهي مُجرد إضافة بسيطة لا شأن لها، وهذه النقطة التي يجب أن نُركّز عليها.

اقرأ أيضًا: تحديات تواجهك بالعمل .. كيف تتغلب عليها كالنينجا

حياة المُستقل الغربي لا تعتمد على ضرورة الاستقرار والزواج وتكوين عائلة، فمن المُمكن أن يرتبط المُستقل دون زواج ويعيش لفترة طويله على هذه الحالة فهي ليست أولوية بالنسبة له، لهذا السبب قد يكون مفهوم العمل الحر ناجحًا في الغرب، لأن حجم المسؤوليات أقل.

في مُجتمعنا العربي الوضع مُختلف، فالمجتمع يرى أنه من الضروري أن يُفكر أي شخص بالسبل التي تقوده إلى الزواج والاستقرار، فببساطة يرفض المجتمع المستقلين ومن يعمل بشكل حر لأنه لا يرى ضمانًا ولا استقرارًا بهذا النمط من العمل، وربما لسان حاله في كثير من الأوقات هل العمل الحر يكفي فعلًا للاستقرار وبناء أسرة وحياة ناجحة؟

كيف نتغلب على النظرة المجتمعية السائدة عن العمل الحر؟

كيف نتغلب على النظرة المجتمعية السائدة عن العمل الحر؟

تختلف وجهات النظر، وتختلف أيضاً مصداقية الإجابة، فبعض الأمثلة يُمكن أن يُقال عنها أنها ناجحة بكل المقاييس واستطاعت من خلال العمل الحر فقط أن تُكمل هذه الخطوة وتُؤسس حياة مُستقرة، وفي المقابل هناك بعض الحالات التي لم تنجح أو حتى لم تستطع تحقيق هذه المهمة.

مفهوم العمل الحر في مُجتمعنا موجود منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن مع تطور الاتصالات انتشر أكثر وأصبح وكأننا نتواجد كمُستقلين في مكان واحد، نتبادل الخبرات ونتبادل القصص، يشد بعضنا بعضا، لذا من المُهم أن نفهم مجتمعنا والطريقة المُثلى للتعايش مع كل تلك الإحباطات والظروف المعاصرة لكي نتجاوز جميع العقبات.

في النهاية، يقع على عاتقنا كمُستقلين عرب وضع الأساسات بشكل صحيح لاستكشاف المكان الذي نصل إليه بعد فترة، لأن المسؤوليات كبيرة على عكس العادات والتقاليد السائدة في بقية المُجتمعات، ومن المهم جداً أن نُحلل معاً التجارب والآليات التي استخدمها كل شخص ونستخلص أفضل السبل لتُسهّل الطريق على أي مُستقل عربي، وتفتح أمامه الباب للاستفادة القصوى من مواقع مثل خمسات أو مُستقل.

الهدف من هذه المقالة هو الاستماع إلى الآراء ومشاركة الخبرات التي حصدها أي عامل حر، فدعونا نسمع منكم وكيف تغلبتم على النظرة المجتمعية والظروف المختلفة، وكيف حققتم الاستقرار بالعمل الحر وبناء حياة ناجحة؟

تم النشر في: نصائح للمستقلين